من مشكلة العقل العربي صعوبة التفريق بين المفهوم الذهني و المفهوم الحسي .وهذه المشكـــلة تسبب له صعوبة كبيرة عند التفكير في الواقع و فهمه ، تسبب اعاقة من الخروج من عالم الاوهام الى الواقع الطبيعي ، تجعله يصل الى التفكير المنفصل عن الواقع و الذي يرسم عوالم لاوجود لها ، عوالم غير منطقية و غير حقيقية،بنسبه الفعل و القول و الارادة لمفاهيم ذهنية لاوجود لها على ارض الواقع ....تسكن الاوهام في العقل و تتضخم حتى يجد العقل صعوبة في فهم الواقع بعد ان سيطرت عليه الاوهام و احاطت به من كل الاتجاهات .
الحب و الشعب و الاسلام و السنة و الشيعة هي مفاهيم ذهنية ، اما القلم و الدفتر و الكلب فهي مفاهيم حسية .
المفهوم الذهني ليس له خواص حسية و ليس بعاقل ، لا لون له و لا رائحة له و لا طعم له و لا صوت لــــه، و لايفكر و لا يتكلم و لا ينام و لا ينكسر و لا يكبر....اما المفهوم الحسي فله خــــواص حسية و ينقسم الى عاقل و غير عاقل ، فهو له لون و له رائحة و له طعم و له صوت ، و يمكن ان يفكر و يتكلم و ينام و يموت و ينكسر و يكبر.
لذلك فلا معنى منطقي لقولنا الاسلام ينكسر ، لان الاسلام ليس زجاجة كي ينكسر فهو مفهوم ذهني، و من غير المنطقي قولنا ان الشعب يريد اسقاط النظام ، لان الشعب مفهوم ذهني ، لا يفكر و لا يعقل و ليس لديه لسان، الشعب مجرد مفهوم ذهني في العقل، و ليس كيان مادي حي عاقل ، لذلك حين تنسب امر لشعب و تقـــول انه السبب وراء امر ما ، فانت كمن ينسب للوطنية مسؤولية قانونية و تقوم بمحاكمة الوطنية في محكمة ، لانها السبب وراء جريمة حدثت ، او كمن يحاكم الحب لانه تسبب في انتحار شاب .
وضع تلك اللغة و الجمل من ضمن القضايا المنطقية امر خاطىء تماما، لانها جمل لا يمكن اعتبارها قضايا منطقية. و عن التفكير بتلك اللغة و اعتبارها قضايا منطقية قابلة لان تكون صحيحة او خاطئة ، فاننا نصنع اوهام في العقل و ليس واقع ، نرسم عالم اسطوري يشبه العالم الذي نشاهده في لوحات سلفادور دالي.
نحن حين نتكلم بتلك اللغة التي تخلط بين المفاهيم الذهنية و الخواص الحسية انما نقولها من باب المجاز فقط عند الحديث بلغة شعرية، مثلما ننسب للحب اجنحة يطير بها .
لذلك عند التفكير العلمي المنطقي علينا ان نفرق بين هذا الاشياء عندما نحلل الظواهر و الموضوعات حولنا ، كي نستطيع فهمها على الواقع .
لكن حين ننسب للمفاهيم الذهنية خواص الفعل و القول و الارادة فاننا نفكر بطريقة شعرية و ليست تحليلية او منطقية اطلاقا ، بل نحول الظواهر الى اوهام في العقل تسيطر عليه بالاساطير و الخرافات كعالم الاشباح ، و و يصبح كاننا في منتدى ادبي نثري او شعري. فلو كنا في منتدى ادبي فنحن نعلم بانه ليس هناك مشكلة في الخلط هذا ، لاننا نتحدث عن خيال ادبي و شعري فقط يخرجنا من الواقع الثقيل الى عالم سحري ملىء بالمعجزات.
هذا من احد اسباب حديثنا المتواصل في صفحات التواصل الاجتماعي عن مشكلة انفصال عقل الكثير عن الواقع ، و ان الكثير يتحدثون عن عالم غير موجود اصلا في الواقع حوله ، و حديثنا المتكرر دائما حول عدم قدرة الكثير من الاشخاص خصوصا النيوعلمانين عن رؤية الواقع الموضوعي حولهم ، و خلطهم بين التفكير العلمي المنطقي و بين التفكير الشعري الادبي في تحليل الظواهر حولهم، و هي السبب في جعلهم يعيشون في عالم ملىء بالاوهام ..... اوهام احكمت سيطرتها على عقولهم.
ابن الشمس
.
.
.