مفهوم الاسطورة في وعي الانسان العربي بشكل عام يحمل معنيين اثنين، الاول معنى سلبي و الثاني معنى خاطئ .
لو قمنا بعملية استطلاع سنجد انفسنا امام حالتين :
★ الانسان العربي المتدين سوى كان مسيحي او مسلم او اي ديانة اخرى يجد صعوبة في تقبل لفظة الاسطورة عند اطلاقها كوصف للقصص التي ورد ذكرها في الكتب المقدسة لما تحمله الكلمة من مدلول سلبي ، لكنه في نفس الوقت يتقبل بسهولة اطلاق لفظة الاسطورة على نصوص الحضارات القديمة و لكن بمفهوم خاطىء.
★ اما الانسان العربي المتحرر من الدين، فانه لا يجد صعوبة في اطلاق لفظة الاسطورة على القصص التي وردت في الكتب المقدسة، لكنه يعني الاسطورة التي تحمل مدلول سلبي و مفهوم خاطىء، اما في نصوص الحضارات القديمة فهو يصفها بالاساطير التي تحمل مدلول ايجابي و روحاني و شاعري لكنه ممعنى خاطىء .
سناخذ المسلم كنموذج عام ، بحكم انهم غالبية سكان المنطقة لمعرفة السبب وراء المفهوم السلبي و الخاطىء لكلمة الاسطورة .
◆ سنجد بان سبب المعنى السلبي لكلمة الاسطورة في وعي المسلم، يعود الى سوء فهم خاطىء للمعنى الحقيقي لكلمة الأساطير التي ورد ذكرها في القران الكريم، و هذا الخطأ منح الكلمة معنى و مدلول سلبي في وعي المسلم ، فالمعنى السلبي جاء للمسلم من سياق الاية الكريمة {إنْ هَذَا إلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} و التي جاءت على لسان من يكذبون بما اتى به القران الكريم ، وً هو سياق سلبي، فلا يمكن لنا ان نصف قصص القران بالاسطورية ، بسبب ما ورد في القرآن ، لأننا إذا عملنا هذا سنصف القران بالكذب و نصبح نحن مكذبون للقران و هذا ما يرفضه المسلم .
◆ اما اسباب المعنى الخاطىء لكلمة اسطورة في وعي الانسان العربي فهو بسبب الخلط بين مفهوم الخرافة و الاسطورة .
تحدث محمد اركون حول هذه النقطة في حوار مع مالك التريكي، و الذي جاء بعد ان تمت ترجمة عبارة له في الفرنسية تصف الخطاب في القران بخطاب أسطوري البنية، فتعرض لانتقادات و خرج اركون يرد على تلك الانتقادات و يوضح بانه لم يقل اسطوري و لكن الخطأ بسبب الترجمة، لأن المترجمين الى اللغة العربية يترجمون مفهوم (le mythe) بالفرنسي الى أسطورة بالعربي . و طالب محمد اركون بضرورة ترجمة عبارة the myth في اللغة الانجليزية و le mythe بالفرنسية الى لفظة القصص في اللغة العربية، لان القرآن يقول {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ}، و لهذا السبب يصف أركون خطاب القرآن بانه خطاب قصصي مبني على القصص.
اتفق تماما مع ملاحظة اركون في هذه النقطة لكن من زاوية مختلفة عن الزاوية التي يقصدها ، لانه من واقع تجارب شخصية و اثناء حوارات مع اخرين و كانت تستدعي استخدام كلمة الاسطورة ، كانت الكلمة تواجه برفض في تقبلها لدى الطرف الاخر ، و اجد صعوبة في ايصال المعلومة عند شرح نقاط معينة من التفسير الديني و خاصة التاريخ المرتبط بالدين ، فكرت بالامر و وجدت ان السبب الرئيسي هو سياق الاية السابقة ، و في نفس الوقت هناك صعوبة في البحث عن لفظة من داخل نظامنا اللغوي بديلة عن تلك اللفظة و تملك الدلالات و المعرفة التي نقصدها .
محمد اركون اصاب في نقطة لكنه وقع في اخطاء كثيرة اخرى.
لماذا ؟
لا انكر اني كنت معجب في اطروحات اركون الفكرية ، لكني مع مرور الوقت و مراجعات الافكار و مراقبه انعكاسها على الواقع ، بدات التقط اخطاء عديدة حتى ادركت حجم كارثة المناهج الغربية و تطبيقها في دارسة مجتمعاتنا و ثقافتنا.
قد ابدو لدى الكثير في موقع غير مؤهل لنقد اركون ، لكني هنا ساتكلم في جزئية واحدة فقط ، فنقد فكر اركون يحتاج الى تفصيل كبير في كتاب.
■ محمد اركون بنظري ليس الا مستشرق يريد ان يلبس لباس مصلح ، هو يعتقد بانه يستطيع اصلاح ما يعتقدها سلبيات في ثقافة وفق مناهج تفكير غربية حديثة لجعلها تواكب القيم الاوروبية الحديثة .
و هنا الكارثة
لان العلوم الانسانية التي انتجها الغرب كانت وظيفتها الاساسية هي خدمة مشاريع الاستعمار، علوم تجعل من اوروبا كمركز مقياس ثابت ، بينما العالم الاخر الغير اوروبي متغير غير طبيعي عن المركز الثابت اوروبا، بمعنى اخر ، فمناهج الغرب و علومه الانسانية جعلت الاخر الغير اوروبي كعينات يتم وضعها داخل المختبر لدراستها. و من المنطقي ان تطبيق ادوات مناهج الغرب على عينات مختلفة ستكون مخرجاتها لا تلامس الموضوعية و لا تنتمي للحقيقة بل مخرجات تتكيف لشروط الادوات و الوسائل . و كانها عملية لنقل كافة العينات الى ارضية مختلفة تماما عن بيئتها الاصلية .
■ اركون لم يؤسس لمنهج فكري من داخل بنية الثقافة لدينا، بل اعتمد على مناهج غربية ، ربما لو استغل كونة محاضر في جامعة السربون و مطلع على مناهج الغرب، في مشروع تاسيس منهج من داخل ثقافة مجتمعه سيكون منجز عملاق، و لذلك فانا اعتقد بان مشروع الجابري كان هو الخطوة الاسلم، لان الجابري قام بتاسيس ارضية فكرية محلية يمكن الانطلاق منها بشكل سليم في فهم انفسنا و قضايانا، بغض النظر حول كوننا نتفق او لا نتفق مع مشروعه ، لان هذه الخطوة ستكون الاقرب في ملامسة الحقيقة الموضوعية .
■ اركون بالرغم من تمكنه من مناهج الغرب الحديثة لكنه لم يستطيع ان يفكك الزمن في عقل المسلم، و الذي يسميه بالزمن الأسطوري، لانه لا يعلم بانه كان ايضا داخل هذا الزمن الاسطوري الذي ينتقده . فهو يدرس الزمن من داخل الزمن الروماني الوهمي ، و هذه المشكلة جعلته يفشل في فهم خطاب القران و في فهم معانية، وفق مناهج التفكير الغربي، لان الزمن الموجود في مخيلته خاطىء ، و لهذا فهو لم يستوعب نقطة ان القصص في القران ليست اطلاقا القصص التي ترد في العهد القديم ، فهو يعتقد بان القران مثلا يتحدث حول شق بحر في قصة موسى كما في رواية العهد القديم بينما القران بشكل واضح و صريح يتحدث في امر مختلف تماما عن ذلك، و هذه القصة تسربت للمسلمين بسبب الزمن الوهمي.
{إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} [النمل : 76]
■ اركون يعتقد ان كلمة ميث ( myth ) اليونانية يقابلها كلمة قصص في القران، لكن هناك سؤال :
● هل يمكن ان نجد ترجمة لمفردات صعبة في لهجاتنا من داخل اللغة الانجليزية، فهناك مثلا مفردات من بنية الثقافة لا يوجد لها مقابل في ثقافة اخرى ؟!
● لو ترجمنا كلمة القصص في القران الى لغة اخرى بكلمة ميث اليونانية ، فهل سيصل المعنى الحقيقي الذي يريده القران ام سنقوم بتحريف للمعنى ؟!
طبعا سيحدث تحريف و سيكون بعيد عن الحقيقة . ففي اي نظام لغوي هناك مفردات تحمل مدلولات معينة و لا يمكن ان تجد لها نفس المدلول في نظام لغوي اخر ، لان الثقافة مختلفة ، و عليه فلا يمكنك ترجمتها بل تنقل بلغتها الاصلية فقط .
الحقيقة .. كلمة ميث اليونانية لا يقابلها كلمة قصص في القران اطلاقا، لان هذا ليس منهج علمي، هذا محاولة لاسقاط معنى من داخل نسق فكري لثقافة و فرضه عنوه على نسق فكري ثقافي مختلف.
لانه ببساطة .... ثقافتنا لا تعرف الميث اليوناني ابدا، بل لم يكن يعرفها اي شعب ، فنحن لم نكن نعرف اساطير اليونان، فكيف يمكن لنا نقل مدلول مختلف تماما و غير موجود و نسقطه على لفظة في القران.
قد اكون مبالغ بنظر البعض لو قلت بان اركون لم يكن يدرك بان من بين القضايا الجوهرية التي يناقشها القران و يشدد حولها، هي القضية بين القصص و بين الميث اليوناني ، معركة فكرية بين الواقع و بين الوهم . لان القصص في القران واقعية جدا لم يستوعبها اركون بسبب مشكلة الزمن الوهمي في عقله الذي لم يستطع الخروج منه، هذا الزمن الذي ابتدأ في مخيلته بالميث اليوناني ، لان الميث اليوناني هو عالم وهمي لم يكن موجود، فهو من ابداع خيال اليونان فقط.
لكن لو ارادنا ان نجد اللفظة الصحيحة في القران التي توافق معنى كلمة ( myth ) التي جاء بها أركون ، فالقران نفسه يطلق على المايث اليوناني بشكل واضح و صريح بلفظة ( السحر ).
{واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر }
فلا تكفر ... اياك ان تكفر
امر واضح و صريح ، و لا يوجد في اي موضع في القران الا في هذه الاية .
و ساشرح في مقال اخر ، لماذا المايث ( myth ) اليوناني هي السحر المقصود به في القران.
■ اركون استدل بايه واحدة فقط مذكورة في القران تدخل ضمن سياق سلبي لتجعله يرفض استخدام عبارة اسطورة ، لان اركون يدرك ان المسلم بشكل عام لا ترد في وعيه الا سياق تلك الاية عندما يسمع كلمة الاسطورة ، و فعلا هي ملاحظة يدركها اي شخص ، لكن اركون لم يفكر في البحث عن المعنى الحقيقي لكلمة اساطير ، ماذا لو كان كان معنى اساطير في القران مختلف و يحمل دلالات اخرى غير الدلالات الحديثة الموجودة حاليا في عقل اركون و في عقل المسلم؟!
لانه عند قراءة القران الكريم سنجد ان لفظة اساطير و مشتقاتها وردت في سياقات متعددة و و ليس في سياق واحد، تحمل معاني مختلفة، و هذا قد يساعدنا في فهم المدلول الحقيقي للكلمة.
و لذلك فاني اعتقد بان اصلاح وعي المسلم من داخل النص القراني نفسه سيكون أفضل ، و من جانب اخر سيزيد من فهمنا لخطاب القران الكريم.... و هذه النقطة التي لم يستوعبها اركون الضليع بمناهج التفكير الغربية .
ما معنى اساطير التي وردت في القران ؟
لدي منهج اتبعه عند قراءة القران ، و هذا المنهج يعتمد على قواعد صارمة ، لاني عند قراءة القران لا ابحث عن وظيفة اصلاح يمكن لاي شخص القيام بها، هذه وظيفة المصلحين، انا اريد ان افهم خطاب القران كما يريده القران نفسه ، و هذا المنهج يحتاج الى تفصيل مطول ربما لا يستوعبه مقال او مقالين ، لذلك ساؤجله الى موضوع منفصل .
لكن ... لا بد لنا من ايجاد اصل كلمة أساطير و الدلالات التي كانت تحملها هذه الكلمة قديما، في البحث عن مادة سطر في القواميس العربية.
في قاموس المحيط
السَّطْرُ: الصَّفُّ من الشيءِ كالكِتابِ والشَّجَرِ وغيرِهِ . وجمعها: أسْطُرٌ وسُطُورٌ وأسْطارٌ ، و جمع الجمع : أساطيرُ، والخَطُّ، والكِتابَةُ.
واسْتَطَرَه: كَتَبَه. والأَساطِيرُ: الأحاديثُ لا نِظامَ لها.
اما في قاموس العين
سطر: السَّطْرُ سَطْرٌ من كُتُبٍ، وسَطْر من شَجَرٍ مَغُروس ونحوه، ويقال: سَطَّرَ فلانٌ علينا تسطيراً اذا جاء بأحاديثَ تُشبهِ الباطِلَ. والواحد من الأساطير إِسطارةٌ وأُسطورةُ، (وهي) أحاديثُ لا نظام لها بشيء. ويَسْطرُ معناه يُؤَلِّف ولا أصل له، [وسَطرَ يَسطُرُ اذا كتَبَ]. [وقال الله جل وعز-: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ«98» ، أي وما يكتبُ الملائكة] .
من خلال التعريفات السابقة ، سنجد بان صف من شيء بشكل مستقيم يسمى سطر، فالسطر هو الصف . و هذه الكلمة مازالت متداولة في لهجات اليمن المحلية عند مشاهدة اشياء مرتبه باستقامة و بدقة فيقال : بالسطر و لا يقول بالصف او باستقامة .
و هذا يعني انه يمكن ان نطلق على صف من الكلمات مسمى سطر، و وفق ما جاء في القاموس سنطلق مثلا على خمسين سطر من الكلمات مسمى سطور ، و نطلق في حالة جمع الجمع لسطور من الكلمات في صيغة المبالغة اسم أساطير .
و من تعريفات القواميس السابقة يبدو لنا بان المعنى الاصلي للكلمة مرتبط بالكتابة فهي الكلمة الاكثر ورود في التعريف، و قد يكون من الطبيعي ان يكون اصل الكلمة مرتبط بالكتابة ثم تم استعارتها للدلالة على اي صف من الاشياء، و قد يكون الاستنتاج منطقي لاننا نجد ان نقوش الحضارات القديمة في منطقتنا كانت صفوف (سطور) مكتوبة بدقة و بعناية فائقة ، و هي الظاهرة الاكثر وضوح و بروز في البيئة المحيطة بالناس قديما.
اذن فمن الطبيعي عندها ان نقول لفعل الكتابة ( كتب يكتب اكتب) بانه (سطر يسطر سطر)، و هذا يتفق مع منطوق القران الكريم، {ن والقلم وما يسطرون}، بمعنى و ما يكتبون. و اسم المفعول لكتب هو مكتوب، فنقول مثلا : هذا الأمر مكتوب في الورقة ، و اسم المفعول للفعل سطر هو مسطور ، فنقول هذا الأمر مسطور في الورقة ، اي مكتوب في الورقة .
اذن توصلنا الى ان كلمة اساطير الاولين على لسان المكذبين يقصد بها كتابات الاوليين ، و لا تعني خرافات و اكاذيب الاوليين
بمعنى ان المكذبين عندما قرأوا القران قالوا انها مجرد كتابات الاوليين .
و لكن حتى لا يكون بحثنا عملية انتقائية، و باننا استنتاجنا انتفاعي، فلابد من نقاش امر اخر ورد في تعريف الاسطورة في قاموس العين و المحيط، و بانها الاحاديث التي لا نظام لها . و يزيد قاموس العين بتعريف اخر و هو الاحاديث التي تشبه الباطل.
عندي اعتقاد بان هذا التعريف حديث نسبيا و لم تكن الكلمة تحمل هذا المعنى قبل القران الكريم، و هذا التعريف الجديد جاء من سوء فهم لسياق النص القراني ، و هذا الخطا منح الكلمة دلالة سلبية و معنى خاطئ لانها وردت على لسان المكذبين، بمعنى وقع تبدل في معنى الكلمة فحملت الكلمة معنى جديد و هو الكذب، و جاء المعنى من صفة الذين ورد على لسانهم التعبير ( المكذبين) . و من الطبيعي ان هذه الدلالة الجديدة ستدون في القاموس ، و اعتقادي حول هذا الشيء يؤكده النص القراني و هو يذكر ايات و فيها اشتقاقات تلك الكلمة ، حيث نجد هذه المفردة مذكورة في القران الكريم
{والطور (1) وكتاب مسطور (2)}
فنلاحظ في الاية ان لفظة مسطور مرتبطة بلفظة الكتاب ، و وردت ايضا في اية اخرى في القران و مرتبطة بلفظة الكتاب ايضا
{وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا} .
و هذا يجعلنا نتاكد تماما، ب ان لفظة مسطور تعني مكتوب او مسجل او مدون ، و بأن الدلالة الاصلية للفظة اساطير لها علاقة بعملية الكتابة، و المعنى الحقيقي الذي يقصده القران و الذي ورد في سياق ايات القران مختلف عن معنى قصص الاوليين.
المعنى الحقيقي للفظة الاساطير هي الكتابات ، و ليست القصص الخرافية التي ترد في كتب التفسير، اساطير الاوليين تعني كتابات الاوليين .
هذا يشبه قولنا عندما نتجاهل كلام بين طفلين لساخفته فنقول : هذا حديث اطفال، فلفظة حديث لا تعني لفظة سخافة، لفظة حديث تعني حرفيا لفظة كلام ، لكن المعنى الاخر الغير مباشر للجملة ضمن الموقف و السياق الذي وردت فيه يعني التجاهل لسخافته . فنحن في قولنا السابق صادقون في الوصف بانه حديث اطفال ، لكننا لا نقصد المعنى الحرفي بل نقصد المعنى الاخر الغير مباشر و هو السخافة .
اذا فالترجمة الحرفية للاية {إنْ هَذَا إلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} هي { ان هذا الا كتابات الاولين}، لكن المعنى الاخر الغير مباشر للاية التي وردت على لسان المكذبين، ضمن الموقف و السياق هو : ان هذا كذب . فالمكذبين صادقين في وصفهم الحرفي للقران، لكنهم يقصدون المعنى الاخر الغير مباشر ضمن السياق التي وردت فيه العبارة . و القران لا ينكر وصف المكذبين بل يعترف القران بنفسه بانه اساطير الاولين، لكن القران يستنكر فقط تكذيبهم .
فنقوش مصر القديمة هي اساطير الاولين
و نقوش اليمن القديمة هي اساطير الاولين
و نقش العراق و سوريا القديمة هي اساطير الاولين
اي كتابات الاولين
لكن لماذا وردت كلمة سطر في القران الكريم بغير صيغة الجمع سطور بل بصيغة اساطير على لسان المكذبين ؟!
اساطير هي جمع الجمع لكلمة سطر، و هي صيغة للمبالغة ، و صيغة مبالغة تدل على قدم الكتابة و على الكثرة ، تجعلنا نفهم اكثر سبب ورود كلمة اساطير الاولين دائما في ايات القران، فهي على لسان اشخاص مكذبين يصفون القران بانه كتابات الاولين التي لا يؤمنون بها.
اذا فالقران يصف نفسه بانه فعلا كتاب مسطور في رق منشور، و كما قلنا سابقا بان جمع الجمع للفظ سطور هو اساطير، اي ان اساطير الاولين هي سطور الاولين . فهو اساطير الاوليين اي كتابات الاوليين .
قد تساعدنا لفظة مساطير و التي مازالت متداولة في لهجات اليمن، في فهم اكبر لكلمة أساطير، حيث يطلق اليمنين لفظة مساطير على الالواح الحجرية المستطيلة الشكل ، و التي تكون اسطحها مستوية و مفردها مسطور.
● فهل كلمة مسطور التي وردت في الاية ( و كتاب مسطور ) ، يقصد بها كتاب مكتوب على الحجر ؟! .
● هل المعنى الذي ورد في سياق الاية و يصف القران بانها كتابات الاولين، يقصد به كتابات القدماء التي نقشت على المساطير ( الالواح ) الحجرية التي نجدها في اثار المنطقة ؟!
● هل القران كتاب قديم كان مكتوب على الاحجار، و تم بعد ذلك نقل نصوصه من الاحجار الى الجلود ؟!
هذا التصور يتوافق مع سياق الاية الكريمة و ترتيب المراحل
{والطور (1) وكتاب مسطور (2) في رق منشور (3)}.
فهذا الاية تشابه قولنا كتاب حجري في ورق ، اي نقوش حجرية اصبحت في ورق ، لهذا فالاية السابقة تعني كتاب كان مسطور ، اي مكتوب على لوح حجري ثم اصبح في رق ( جلد) منشور.
هناك قرينة اخرى تزيد من تاكدنا، فهناك اية في القران تتحدث بمثل هذا التصور ، و التي تتحدث ايضا عن اللوح .
{بل هو قرآن مجيد (21) في لوح محفوظ (22)} [البروج]
الاية واضحة جدا، بان القران في لوح حجري محفوظ.
ساحاول ان اطبق مناهج و نظريات الغرب التي اعتمدها اركون بخصوص اللغة و من ارضية الزمن الروماني الوهمي ، حتى اثبت لكم كارثية المنهج الغربي، و بان وظيفته الاساسية هو نفي الاخر و اعلاء الغرب الناهب الذي لا يستطيع البقاء بدون طمس معرفي للاخر ، و ساطرح سؤال هام :
هل يقصد باللوح المحفوظ، اللوح الحجري المحفوظ الذي كان مكتوب فيه العقيدة قديما، و منه يتم نقل سطوره الى الجلود من حقبة زمنية الى اخرى و بمنطوق حديث يتناسب مع اللغة التي وصل لها الناس و تضاف اليه الاحكام و القوانين و القيم الجديدة التي تتوافق مع الواقع الحديث ؟!
قبل اجابة هذا السؤال ، لابد من طرح سؤال هام قبله :
من هم هولاء المكذبين ؟
اذا كانت منطقتنا هي اول بقعة جغرافية في الارض ظهرت فيها الكتابة البشرية ، فاعتقد بان هذه ال بيئة و الثقافة لا يمكن ان يصدر منها هذا الكلام على لسان المكذبين، فهذه العبارة لا يمكن ان تاتي الا من لسان ثقافة مختلفة و دخيلة لا تنتمي لثقافة المنطقة .
اذا من يكون هولاء المكذبين ؟
المكذبين ليست تلك الصورة الميثولوجية الوهمية الموجودة في مخيلة المسلمين اليوم حسب تفاسير كتب التراث ، فالقران لا يقصد كيان ميثولوجي من نتاج ترجمات ( myth ) اليوناني، لان المعركة الفكرية المحورية الموجودة في القران ، هي معركة بين الواقع الحقيقي و بين الميثولوجيا اليونانية، القران يشير الى كيان ملموس واقعي و حقيقي مكذب بالقران .
المكذبين هم ....... سلطة حاكمة في الغرب في الماضي و الحاضر .
نعم ..... انهم ابناء الميث ( myth ) اليوناني.
لماذا ؟
يتبع
ِ