لا اعتقد ان تفكير المواطن البسيط يكون اكبر من تفكير اجهزة دولة في فهم ابعاد الموضوعات، لكن ما شاهدناه في قضية اغتيال مديرة مكتب النظافة في تعز يشعرك بان المواطن البسيط اذكى من عقلية مسؤولي الدولة في معالجة ملف هذه القضية .
كما يعرف الجميع ... بان مكتب النظافة في اي محافظة هو مكتب ايرادات مالية كبيرة، و يعتبر واحد من من اهم المكاتب التي تثير لعاب الفاسدين و اللصوص، و يعتبر من اكثر اماكن الفساد و النهب.
لذلك فإن التفكير البسيط سيقود المواطن العادي الذي مستواه الثقافي بسيط الى ان جريمة اغتيال مديرة المكتب بتلك الطريقة البشعة و بدون سبب مقنع ، لها ابعاد بشبكة فساد في المحافظة و من مصلحتها ازاحة تلك المراة التي بدات بتجفيف منابع النهب ، و اغلقت حنفية نهب كبيرة على شخصيات في الدولة كانوا يعيشون عليها .
هذا تفكير المواطن البسيط، و لذلك من مصلحة القضية القبض على القاتل و التحقيق معه و تفكيك تلك العصابة التي تقف خلف تلك الجريمة.
لكن عقلية جهاز الامن في المحافظة لم يكن يفكر بمثل تلك الطريقة السليمة و المنطقية و التي وصل لها المواطن البسيط ، و رات تلك العقلية بان الجريمة شخصية و نهايتها بقتل منفذ العملية .
تقريبا عشرة ايام .... منذ اغتيال مديرة مكتب النظافة ، و الاجهزة الامنية لم تتحرك و لم تفتح تحقيق ، و كل ما ينشر عبارة عن تخمينات حول هوية القاتل، و ظهرت اسماء عديدة تتهم بانها وراء العملية ، لذلك فان ذلك الشاب مازال يعتبر ضمن المنكق مشتبه به و ليس القاتل الاكيد.
السؤال الذي يفرض نفسه ... كيف عرفت اجهزة الدولة ان ذلك الشاب الذي بعمر ١٨ سنة انه هو القاتل، و هي لم تفتح تحقيق بعد ان قبضت على المشتبهين و توصلت الى هوية القاتل الحقيقي، لان ذلك الشاب مازال وصفه مشتبه بالقتل و ليس القاتل ؟
هذا ليس منطق اجهزة و مؤسسات و رجال دولة.
بعد عشرة ايام ...... خرجت حملة امنية للقبض على ذلك الشاب، و انتهت بقتل ذلك الشاب بعد اشتباك معه على حد كلام الذي نشر ، و وضع جثته في الطقم العسكري، ثم عرض جثته امام الناس، و بدات صيحات الفرح و السعادة تخرج من المواطنين، ثم قام الناس بحمل قائد الحملة الامنية فوق الاكتاف ، يحتفلون بانجازة في قتل ذلك الشاب و كان قائد الحملة سعيد بهذا التكريم من المواطنين، ثم وجه شكره للجنود و لشيخ المنطقة( شرعب ) و التي منها ذلك الشاب لتعاونه مع اجهزة الامن في الوصول اليه .
مع احترامي ... لكنه مشهد مسرحي سخيف
لماذا تم قتل ذلك الشاب و لم يتم القبض عليه ؟
الجواب الذي قدمته الحملة للناس ... لان الشاب قاوم الحملة، فقد اطلق عليهم الرصاص و كان ينوي القاء قنابل عليهم.
جواب غير مقنع .. لماذا ؟
يعني بالله عليكم ...... كم سيستمر شاب بعمر ١٨ سنة، يحمل عقل طفل صغير جدا و فارغ من اي معرفة او ثقافة و معه سلاح واحد شخصي و هو يقاوم حملة امنية لدولة و مجهزة بالاسلحة الكافية و الذخيرة ؟
المفروض يتم محاصرته .... و حتى ان قاوم، يتم الاشتباك معه بطريقة لا تستهدفه و عندما تفرغ ذخيرة سلاح ذلك الشاب، يتم الانقضاض و القبض عليه .
عملية سهلة جدا
قائد الحملة الامنية ... اشاد به الناس و ببطولته ، لانه تمكن من قتل مراهق هوايته لعب لعبة البولجي على الجوال .
مشهد سخيف و الله ، و قائد الحملة الامنية لم يخرج الا و في نيته قتل ذلك الشاب و ليس القبض عليه ، هذا ان كان هم من قتلوه و ليست جهة اخرى هي من قتله و نسبت عملية القتل للحملة الامنية، من اجل اغلاق ملف القضية و تخدير الناس بهذا الانتصار لدم مديرة مكتب النظافة.
قبل خروج تلك الحملة الامنية، حدثت اشياء منها :
■ المكتب الاعلامي للامن في المحافظة ، نشر خبر ان هناك جهة تتمثل بشقيق شيخ ( شرعب ) تعرقل عمل الامن في القبض على المشتبه به، فما كان من هذا الشخص الا ان رفع مقطع فيديو بانه كان نائم و غير صحيح انه عرقل و ذهب الى مبنى ادارة الامن و يقول بانه سيقدم بلاغ ضد الجهة التي ادعت انه منع الامن من القبض على المشتبه .
كان مشهد مضحك، و فيه نوع من اعمال المراهقين، و يدل على ان هناك مجموعة اطفال و مراهقين اصبح لهم قرار في المحافظة على حساب رجال الدولة، و المثل يقول : يكاد المسيء ان يقول خذوني، فتلك المقاطع لم ترفع الا لانه فعلا كان يتستر على المشتبه به و هو يحاول ابعاد الشبهة عنه.
■ ظهرت اخبار بان شيخ المقاومة الذي يعيش في تركيا، اعلن عن مبلغ ١٠٠ مليون لمن يقوم بقتل المشتبه، و هذا الاعلان المفاجىء لم يقم به من قبل، الا دليل على انهم يحاولون ابعاد التهمة عنهم، و اظهار انهم من ضمن التضامن الشعبي و من ضمن الراي العام في قضية مقتل تلك المديرة .
■ ايضا خرج صوت قادة حزب الاصلاح ( الاخوان ) بعد غياب طويل و هم ( حميد الاحمر ) و ( توكل كرمان ) للحديث عن تعز .
كانت لغة حميد الاحمر بنفس الطريقة التي كان يخاطب بها النظام السابق سكان تعز، فهم يعرفون من اين تؤكل الكتف في تعز ، اشادة بتعز و سكانها، و قوله ان اليمن هي تعز، و هذه الخطابات تخدير و اظهار ان الاخوان متواجدين في هذه القضية و مع الراي العام، و لم افهم ذلك الخطاب الا خوف من سقوط اوراق الاخوان في تعز بسبب تلك القضية التي ستجر بعدها كل الشبكة التي يعمل بها الاخوان.
اما بالنسبة لتوكل، فقد حاولت بكلامها نقل القضية الى معركة اخرى لاجل تمييعها و اخفاء ابعادها الحقيقة ، بالقول ان الاصوات التي تتهم اجهزة و معسكرات و ادوات و شخصيات بانها وراء الجريمة، ليست الا ابواق تعمل لصالح جهة اخرى معادية لها و هي ( طارق عفاش ) ابن اخ الرئيس السابق الذي لا يحبه المجتمع في تعز .
ثم بدا اعلام الاخوان يتحدث بنفس طريقة توكل، من اجل الناس يرتابون من اي منطق او كلام او حقائق تكشف ابعاد تلك الجريمة، بحجة ان تلك الاصوات تخدم مشروع ابن اخو عفاش، ثم بدا اعلام الاخوان ب تحويل القضية الى عملية مناكفات، فبداوا يخروج صور اوراق و وثائق تدين طارق انه يقوم بالتستر على اشخاص عليهم جرائم قتل ، من اجل مقارنتها و نكاية بتلك الوثائق التي يتم تداولها في مواقع التواصل و فيها احكام قضائية بالاعدام و الحبس ضد قادة و افراد في اللواء العسكري الذي يقوده اقرباء شيخ شرعب و معظم منتسبيه ايضا من قبيلته .
كل ذلك من اجل تمييع القضية حتى لا تصل الى مراحل خطيرة تقضي على اوراق الاخوان في تعز .
المهم
بعد قتل ذلك الشاب مباشرة بعدة ساعات، طلع للانترنت مقطع فيديو لذلك الشاب يتحدث فيه عن اسباب قتله ل مديرة مكتب النظافة، و هي بسبب قطعها لراتبه مدة ٣ اشهر، و بانه كان ينوي ضرب رصاص على سيارتها من اجل تخويفها حتى تدفع له الراتب، لكن اخو شيخ شرعب هو من دفعه لتصفيتها و قتلها، لاجل تنتهي مشكلتها نهائيا، لانها لو اطلق على سيارتها النار، ستقوم بعدها بقطع راتبه و ابعاد جماعتهم كلها، ف هي حجر عثرة امامه و الجميع، لانها مدعومة من الدولة، و الحل تصفيتها لانه سيتمكن من الحصول على راتب دائم، و هو ستواصل مع شيخ شرعب و سيدعمه لو نفذ المهمة .
المقطع صحيح ، و لكن هناك من يحاول ان يجعله فيديو بالذكاء الصناعي لاجل عدم استمرار القضية .
المهم
من خلال الفيديو ..... واضح جدا ان الشاب يملك عقلية طفل صغير، و فارغ من اي معرفة او ثقافة او اهتمامات كبيرة، اهتماماته بسيطة غير معقدة، ، و من النوع الذي يجد في شيخ المقاومة نموذج مثالي له ، و لا يظهر عليه ملامح الذكاء، و من النوع السريع القابل للتاثير، اي يمكن لاي شخص ذكي و خبيث و يثق به من التاثير عليه و دفعه لارتكاب اي عمل بناء على وعود كاذبة .
اذن ..... لا يمكن لذلك الشاب ان يقوم بتلك الجريمة البشعة بسبب قطع الراتب، كان يستطيع عمل اي شيء اخر ، حتى و ان قال ذلك، هناك من دفعه و حرضة لارتكاب تلك الجريمة مقابل وعود .
لماذا ؟
ذلك الشاب الصغير اصبح يرى من حوله عدد كبير من اقارب شيخ المقاومة المحيطين به و الموجودين من حوله، قد قاموا بعمليات قتل عديدة، و نزلت عليهم احكام اعدام و يمارسون حياتهم بشكل عادي و لم يتم القبض عليهم، و هناك من تم دفع ديات للمقتولين من قبل شيخ المقاومة.
ذلك الشاب .. يرى ان شيخ المقاومة و اخوه بحجم دولة كبيرة، لهم الكلمة في المحافظة، و يستطيعون عمل اي شيء و لن يتركوه و سيدعموه و يقفوا بجانبه.
و من هذه العقلية ... قرر ارتكاب جريمته بدفع و تحريض من اخو شيخ المقاومة .
لكن يبقى السؤال الهام ... من اخرج ذلك الفيديو بعد قتله ؟
■ البعض يقول اجهزة الدولة ... و هو غير صحيح، لان اجهزة الامن واضح انها تخدم قصة مختلفة عن الفيديو .
■ البعض يقول انه الشاب قام به، و طلب من جهة رفعه للانترنت اذا تعرض لخيانة. لكني لا اعتقد ان الشاب كان ينوي عمل ذلك اطلاقا، فقد كان عقله بسيط و لا يفكر بتلك الحركات القاتله، و كان يثق ثقة عمياء بشيخ المقاومة و اخوه، و لم يكن يفكر بفضحهم ابدا
تقريبا لم يتم نقاش هذا السؤال ، لانه سؤال مهم، فمن كان يحتفظ بالمقاطع يعرف اشياء كثيرة، و لكنه قرر قطع اجزاء من الفيديوهات التي ارسلت له و رفع ما يراه مناسب .
بعد بحث في الانترنت و استخدام ادوات بحث ذكية للفيديوهات و الصور ..... وجدت اول مكانين ظهرا فيهما الفيديو، و بعد متابعتي للموقعين رجحت موقع واحد و الموقع الاخر اخذه منه، و هو حساب يبدو انه قريب لذلك الشخص، و حفاظا على سلامته فلن احدده.
لذلك ... اعتقد ما يلي
بعد ظهور اسم ذلك الشاي من ضمن المشتبهين بتلك الجريمة، تواصل معه شخص كبير في السن من اقاربه، و اعتقد انه كان يحبه جدا، و استفسروه عن الموضوع، و لانه صادق و صريح معهم، اكد لهم انه هو من قتل المديرة، و قال لهم بالتفاصيل كلها و بان اخو شيخ المقاومة هو من دفعه لذلك .
ربما غضب جدا قريبه الكبير في السن، من هذا الاستخدام الحقير لابنهم، و عرف بان ابنهم الصغير هو ضحية لاخو شيخ المقاومة، و هذا الشخص الكبير في السن عرف اللعبة التي تمت على ابنهم و يعرف شخصية شيخ المقاومة و اخوه و بانهم يمكن ان يغدروا به و يقدموه قربان امام الجميع ، فطلب منه تسجيل فيديو له و يقول كل شيء و ليس صوت، و هذا التسجيل تم في وقت باكر من الجريمة ربما بعد الجريمة بيوم.
و هذا الشخص الكبير في السن احتفظ بالفيديو، و ان وجد خيانة على ابنهم الصغير، فسوف يهد المعبد على من بداخله ، و س يرفع هذه المقاطع الفيديو لللشاب ... علي و على اعدائي.
لكن عتبي عليه ..... لو كان اخرج الفيديو من البداية، لكان الشاب قد تم القبض عليه و لم يكن ليقتل، و ايضا كيف سمحت له نفسه اخلاقيا ان يقبل تلك الصفقة على حساب دم تلك المرأة.
رسالتي لاهلنا في تعز
الخوف من سقوط الصورة المثالية لتعز امام الجميع، هو الذي راكم الجريمة و سمع لتلك العصابة من استرخاص دماء و اموال الناس .
رسالتي لاهلنا في منطقة شرعب
● هناك من استفزه منكم مشهد مواطن وضع قدمه في وجه جثة ذلك الشاب المقتول ، و رآه عمل جبان و حقير ، بحجة حرمة الميت، و انا معكم بانه تصرف غير اخلاقي، و حرام و لا يجب ان تفرد عضلاتك على جثة ميت.
لكني استحلفكم بالله ...... كونوا صادقين مع انفسكم، و جاوبوا عل على سؤالي : هل هذا الموقف هو نفس موقفكم عندما تم سحل جثث قتلى و التنكيل بها من قبل جماعة شيخ المقاومة و غيره ممن وصفوا بانهم حوثين في تعز ؟
لا اريد جواب امام الناس .. لكن جواب بينكم و بين انفسكم، حتى تعرفوا هل رفضكم لذلك العمل هو مبدأ اخلاقي، ام هو لان المقتول ينتمي لمنطقتكم .
● اعرف ان جميعكم وقف ضد تلك الجريمة البشعة قتل مديرة مكتب النظافة، و استنكر الجميع تلك الجريمة، و اعرف بان القاتل المراهق هو ابنكم ، و هو كان ضحية لشخص، و الميت حسابه عند ربه،لكن لا داعي لرفع صورته في صفحاتكم خصوصا من اقرباءه ،وترحموا عليه بينكم و بين انفسكم و لا داعي لاظهارها كتعليقات في صفحات مواقع التواصل، خلوها بينكم و بين انفسكم و ليس امام العالم ، من باب الذوق و حفاظا على مشاعر الناس و مشاعر اهل افتهان المشهري.
● ايضا سمحتم لعصابة من القتلة و قطاع الطرق و السرق ب تمثيل منطقتكم، و تعاملتم معها على انهم من العصبية القبلية، و تغاضيتم عن اعمالها، بل كان يظهر بعضكم مدح لها من منطلق عصبية قبلية، فتحملوا نتائج هذا الشيء الذي سينعكس عليكم مادمتم لم تتخذوا خطوات عملية جادة لتجريمها و البراءة منها .
اخيرا ..... شاهدت مقطع فيديو لشخصية عسكرية و هو لواء اسمه عدنان الحمادي، و رغم اختلافي على موقعه الذي اختار ان يكون فيه، لكن يبدو بشكل واضح انه رجل دولة عسكري وطني و شريف و صاحب مبدا لا يساوم على المبدا، و هذا النوع حتى و ان اختلفنا معه فهو يظل محل احترام و تقدير و لا يمكن الخوف من وجوده في اي موقع كان .
قال جملة مفيده مختصرة قبل عملية اغتياله، و هي :
[ من يحكم محافظة تعز ليسوا رجال دولة ، و لا يجب ان يستمر الوضع هكذا ]
و هو كان يقصد ١٠٠% هذه العصابة التي تتولى السلطة في المحافظة و التي هي وراء مقتل مديرة مكتب النظافة، و هي ايضا وراء اغتيال هذا الرجل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق