من هم العرب ؟
ربما هذا السؤال من اكثر الاسئلة التي تطرح حاليا على طاولة النقاشات و الحوارات الثقافية و التاريخية في المنطقة، و هو نتيجة منطقية للمشروع الصهيوني الغربي المنظم الذي يتحرك في المنطقة منذ عقود عديدة .
الحقيقة انها ليست عقود، فقد اكون بنظر البعض مبالغا لو قلت ان هذا المشروع قد صممه الغرب قبل قرون عديدة ، و كان يتم تشغيلة على فترات زمنية من التاريخ، لكنه واجه مقاومة و هزائم ، ثم عاد الينا هذا المشروع اخيرا بفكرة جديدة و هي تاسيس كيان الاحتلال اسرائيل كدولة لليهود اصحاب كتاب العهد القديم.
اسرائيل هذا الكيان الذي له الدور الكبير اليوم ، في صناعة فوضى الهوية في وعي شعوب المنطقة ، لان اسرائيل مجرد مشروع غربي تأسس على فكرة تاريخية و دينية قديمة جدا و مزيفة لا اساس لها من الصحة ، و حازت على شرعية وجود من قبل القوى الغربية التي صممته و جعلت العالم يعتقد بشرعية وجوده و بشرعية التاريخ الوهمي المزيف الموجود في العهد القديم .
كيان اسرائيل القائم على فكرة تاريخية وهمية و مزيفة ، ليس الا مشروع غربي لتثبيت الزمن الصهيوني الذي قام عليه الغرب منذ القدم، و من اهم اهداف هذه المشروع صناعة موجه فكرية سياسية و ثقافية عامة تجتاح المنطقة تجعل من التاريخ شرعية لاثبات الحق الوجودي السياسي، لان المشروع الصهيوني الغربي لدية ثقة تامة بان العقل في المنطقة عاجز تماما عن فك لغز الزمن الصهيوني الذي خلقه الغرب منذ عهد روما، و عاجز ايضا عن قراءة منطقية و حقيقة للتاريخ ، و عليه فلابد ان يصل العقل في المنطقة الى فوضى كبيرة في الهوية .
و بالاظافة الى الكيان الصهيوني القائم على شرعية تاريخ وهمي مزيف ، هناك توجه غربي عالمي في طرح مسالة الهويات و الاقليات على طاولة النقاشات الثقافية و السياسية كاساس و منطلق للحداثة ، كل ذلك عزز من القراءة التاريخية التي تجتاح المنطقة .
و هذا الامر ... جعل اكثر من يهتمون بنقاش جواب هذا السؤال ، الجماعات الليبرالية و التي ترفع شعارات الهويات و تحمل مشاريع سياسية انفصالية و عدائية نحو اي شيء مرتبط بالعرب .
● كنت يوما في حوار مع صديق عزيز من العراق على الفيسبوك من مسيحي العراق الاشورين، و كان يعجبني فيه خبرته و اطلاعه المتنوع بحكم سنه الكبير و ثقافته المسيحيه الشرقية الاصيلة التي احب الاطلاع عليها، بالاظافة ان لديه عداء شديد لاسرائيل و تركيزة المستمر على دحض القراءات الصهيونية للتاريخ.
و في احد الايام عندما ادرك اني من اليمن ، قال لي : هل تعلم بان اقدم كنيسة مسيحية في الجزيرة كانت موجودة في اليمن، و تحديدا في نجران و قد سميت اقدم كنيسة في العراق باسمها نجران. ثم اخبرني ان اليمن حضارة اسسها الاشورين و كانت حضارتهم تمتد لليمن و اليمن من هجرات الاشورين من العراق.
لم اعارض فكرة صديقي العراقي ساعتها ، لاني لا اخذ التاريخ بجدية او يوجد عندي عصبية شعوبية عند قراءة التاريخ ، بل بالعكس شعرت بارتياح من قراءة هذا الصديق المسيحي ، لانها مختلفة عن بقية القراءات الاخرى المتطرفة التي يتبناها بعض المسيحين العرب في الشرق ، و التي لا تجد فيها اي رابط يربطها بمحيطها، بل تجد انها تتبنى تاريخ مقطوع و منفصل و لا علاقة له بالمحيط من حوله ، بينما قراءة هذا الصديق على الاقل تقدم اجابات منطقية تفسر اسئلة مبهمة و شائكة في التاريخ، حتى لو افترضنا انها قراءة غير صحيحة .
● الحقيقة ان الكثير من المسيحين العرب في الوقت الحالي من اكثر الناس الذين يناقشون هذا السؤال و معظم نقاشاتهم التاريخية تدور في جوانب مرتبطة بهذا السؤال، و من خلال مراقبتي البسيطة في مواقع التواصل اجد بالدرجه الاولى هم مسيحي مصر و يليهم مسيحي الشام و العراق ، و اعتقد انها مرتبطة بالحالة الدينية ، فمسيحي مصر يحملون ارث ديني قديم ، فكنيستهم من اقدم الكنائس في العالم، و هذا يمنحهم خصوصية تاريخية تجعلهم حريصون في حفاظهم على هذا الارث، نفس الحال ينطبق على الكنائس الشرقية في المنطقة في العراق و سوريا و لبنان ، فهي ليست دين فقط بل ارث تاريخي مرتبط بهم .
بشكل عام ... الكثير من المسيحين العرب لديهم فكرة انهم ليسوا عرب .... لا اقول كل المسيحين العرب لديهم هذه الفكرة ، و لكن نسبة كبيرة منهم . فبحسب مطالعتي للنقاشات التي تجري في مواقع التواصل الاجتماعية ، وجدت ان نسبة كبيرة من المسيحين يعتقدون بان العرب عبارة عن حالة اسلامية صرفه ظهرت مع الاسلام ، و ان المسلمين في العراق و سوريا و لبنان و مصر وافدون حديثا من الجزيرة العربية ، او كغزاة قدموا في فترة الفتوحات الاسلامية، و ليسوا من سكان العراق او الشام او مصر او لبنان الاصليين .
و هذه الفكرة التي يعتقدها بعض من اخوتنا المسيحين العرب، قد جعلت بعضهم يخلطها بنوع من الحساسية تجاه اي شيء له علاقة بالعرب، فسبب لديهم حالة من الاغتراب ، و بدا يطرح لديهم سؤال الهوية .
---------------
● لدي تصور شخصي حول الزمن الغير معالج داخل ثقافتنا، و قد اشتغلت عليه منذ مدة طويلة ، و لذلك فانا اعتقد بان الزمن الحالي للمنطقة و الذي يؤمن بها الجميع ، هو الاساس في كارثة المنطقة منذ قرون و حتى يومنا هذا، فمن خلال معرفتي لمشكلة الزمن لدينا و التي ساطرحها في مقال منفصل ، فانا اعتقد بان تلك الفكرة لدى المسيحين العرب قد جاءت من نقاط جذرية اساسية مرتبطة بالزمن :
1- السبب الاول .... لان المسيحيون لديهم رواية الاسلام نفسه و هي الرواية الرسمية الموجودة لدى المسلمين، و هي رواية الفتوحات الاسلامية التي تفسر سبب تواجد و انتشار الاسلام في المنطقة .
بالرغم من ايمان المسيحين العرب برواية الفتوحات الاسلامية الموجودة عند المسلمين ..... الا انه لا توجد لدى المسيحين انفسهم رواية رسمية متكاملة حول بدايات الاسلام، بل لا توجد حتى لدى اليهود رواية رسمية كاملة حول بدايات الاسلام ، بل لا توجد رواية رسمية في ارشيف روما قديما لرواية كاملة حول بدايات الاسلام، حتى لوحاول البعض تقديم بعض النصوص المقتطعة من كتب ، فهي لا ترتقي لان تكون رواية كاملة، مجرد بضعة سطور ، خمسة سطور ، او سبعة سطور ، و بمسميات غريبة و يتم الصاقها بشكل متعسف ببدايات الاسلام و على مسمى جماعة او قبيلة يعتقد بانهم العرب، و لا يوجد فيها ذكر شخصيات و لا احداث و لا مناطق و لا اي شيء .
2- السبب الثاني ... لان لدى المسيحين العرب رواية دينية اقدم من رواية الاسلام ، و هذا يجعلهم اصحاب اسبقية زمنية في التواجد في بلدان المنطقة ( مصر سوريا لبنان العراق ... ) .
● السبب الثالث ............ لان لدى المسيحين العرب لغة خاصة بالعبادات الدينية ( السريانية و القبطية )، و هذه اللغة تفرض سؤال منطقيا، لماذا يتكلمون لغتين .. لغة عربية و سريانية او قبطية ؟، و جوابهم المعتاد ...... لان لغتهم الدينية كانت هي السائدة قبل الاسلام، و عند دخول الاسلام طغت اللغة العربية على لغتهم الاصلية و تبدل لسانهم و اصبحوا ينطقون عربي و انزوت لغتهم في الشؤون الدينية، بالرغم من التشابه الكبير بين اللغة السريانية و اللغة العربية. لانه حسب قول علماء اللغة بان اللغة العربية ولدت من اللغة السريانية .
منطقيا من الطبيعي ان يصل المسيحين لهذا التصور ، لان لدى المسلمين رواية رسمية تفسر سبب انتشار الاسلام و يعترف بها المسلمين ، و لان رواية الدين المسيحي اقدم من رواية الاسلام و هذه الشيء يمنح اخوتنا المسيحين في مخيلتهم الزمنية اقدمية و سياق زمني اقدم من السياق الزمني الموجود في عقل المسلم الذين يعيشون جنبهم، ف يجعل من اخوتنا المسيحين يعتقدون ان الامر مرتبط بقصة اصيل و وافد، وفق قاعدة من هو صاحب السياق الزمني الاقدم، و بجانب وجود لغة لديهم مكتوب بها كتابهم الديني .
لكن لو استبعدنا رواية الاسلام مؤقتا و التي سنناقشها لاحقا و بنينا تصورنا من القاعدة السابقة و هي ( قاعدة وافد و اصيل) ، فهذا سيجعلنا نطرح عدة اسئلة مهمة :
■ لنفترض ان اليهود مازالوا متواجدين في دول المنطقة و لم تجري مؤامرة ترحيلهم الى الكيان الصهيوني المحتل ، عندها سيكون لليهود رواية دينية اقدم تفسر سبب تواجدهم في دول المنطقة، و ستمثل اسبقية زمنية و سياق زمني في المخيلة اقدم مما لدى الجميع .
فهل سيكون عندها اليهود هم الاصل ، بينما المسيحين و المسلمين وافدين ؟!
■ لو افترضنا بان المسيحي يعتقد بان اجداده قبل المسيحية كان لديهم دين مختلف عن الديانة الابراهيمية و يعبدون الهات قديمة و لم يكونوا يعتنقون اليهودية ، فهذا يجعلنا نطرح الرواية الرسمية الموجودة لدى المسيحين .
فالمسيحين يؤمنون بان وعد العهد القديم بظهور مخلص لبني إسرائيل قد تحقق بظهور يسوع الذي يجمع في شخصة النبي و الملك و الكاهن و صلب ليخلص البشر من آثامهم. و هذا يعني ان المسيحين امنوا بالمسيح كمخلص لقوم بني اسرائيل بينما رفض اليهود اعتبار المسيح كمخلص لبني اسرائيل، و هذا يعني بانهم اتبعوا عقيدة قوم اخرون بسهولة .
فهل يمكن اعتبار المسلمين في دول المنطقة بانهم نفس الحالة المسيحية ، هم سكان اصليين في دول المنطقة لكنهم امنوا بعقيدة قوم اخرين ؟
اما لو كان المسيحي يعتقد بان اجداده كانوا يعتنقون اليهودية، و قد يكون هو المنطقي لان المسيحية مازالت تحتفظ بكتاب العهد القديم ضمن الكتاب المقدس لهم ، بالرغم من كون العهد القديم كتاب اليهود الذين يكفرون بالمسيح كمخلص بينما هم يؤمنون بالمسيح كمخلص لبني اسرائيل ، فهذا سيقودنا الى سؤال اعمق، حول اصل اليهود و عندها ستتكرر نفس رواية المسلم، لانه وفق الرواية الرسمية اليهودية و المسيحية ....... فاليهود قدموا من فلسطين بعد ان تم سبيهم و تخريب هيكلهم فتشتتوا في الارض، و هذا يعني ان المسيحي ماهو الا يهودي لكنه امن بان المسيح هو المخلص الذي كان ينتظره بني اسرائيل، و هذا يعني ايضا ان المسيحي مثل اليهودي وافد الى تلك الارض و قادم من فلسطين.
■ لو افترضنا اننا في الزمن قبل الاسلام و المسيحية.
فالمسيحي اليوم يعتقد بان لغة بلاده كانت ساعتها هي اللغة السريانية ، و يعتقد ايضا بان السريانية ولدت من رحم اللغة الارامية.
لكن السؤال .... اذا كانت السريانية ولدت من رحم الارامية، و كما نعلم بان لغة العهد القديم كانت الارامية ، فمن المنطقي بان الارامية كانت السائدة و كانت اليهودية هي السائدة
فهل هذا يعني ان السريانية ايضا طمست هوية تلك المنطقة و بدلت لسانها من الارامية الى السريانية ؟
و اذا كانت لغة المسيح هي الارامية ... فالسؤال الهام :
لماذا لم تستمر هذه اللغة و يكتب فيها لغة الكتاب المقدس؟ . هل هذا يعني انهم ايضا طمسوا الهوية و غيروا لغة الناس من الارامية الى السريانية ؟!
و لان المسيحين حافظوا على لغتهم حتى اليوم( السريانية)، و هذه المدة الطويلة التي احتفضوا بها في اللغة، تطرح سؤال هام :
لماذا لم يتم الحفاظ على اللغة الارامية و يكتب بها الكتاب المقدس ؟! ....
هل يعقل ان تنشق لغة عن لغة و تنفصل عنها خلال 400 عام، و هي المدة التقريبية مع الزيادة بين اول نسخة للعهد القديم و بين ميلاد المسيح عليه السلام؟، هل يعقل انه لم يتم الحفاظ على اللغة الاولى ( الارامية) كلغة رسمية خلال 400 سنة ، بينما استطاع المسيحين الحفاظ على لغتهم السريانية حتى اليوم كل هذه المدة الطويلة ؟!
اذا كان هذا يعقل ....... فمن الطبيعي انه يعقل، بان العربية انشقت ايضا عن السريانية خلال مدة بسيطة جدا ، و الامر غير مرتبط بقصة تعريب او فرض لغة عليهم غير لغتهم .
■ لو افترضنا جدلا صحة كلام علماء اللغة الذين يقولون ان العربية اخذت الكثير من السريانية و الارامية، حتى انه يجب قراءة القران من السريانية لفهمه بشكل افضل.
المسيحين يسمون لغتهم باللغة السريانية الارامية ، فهم شعب ارامي سرياني و ليسوا عرب ، لكن لماذا يسمون لغتهم بالسريانية الارامية ، و لا يكتفون بتسميتها باللغة السريانية فقط ، لان اللغة السريانية لغة مختلفة و الارامية لغة اخرى مختلفة ؟
و جواب المسيحين على السؤال السابق ......... حول السبب في تسميتهم للغتهم بتسمية مزدوجة .... بان اللغة السريانية خرجت من رحم اللغة الارامية .... و اسمها اللغة السريانية الارامية .... و هذا الجواب تعبير غير مباشر عن حقيقة علمية تقول بان اللغة كائن حي يتطور.
لكن اذا كانت اللغة السريانية انشقت عن الارامية خلال مدة زمنية صغيرة و هي تقريبا 400 عام ، فهل يحق لنا القول بان العربية ايضا انشقت عن السريانية خلال نفس المدة و هل يحق لنا يتسميه اللغة العربية و التي تشبه اللغة السريانية بتسمية ( اللغة الارامية السريانية العربية)؟! .
و اذا كان السريان يسمون انفسهم ( السريان الاراميون ) ، فهل يحق لنا القول بان العرب هم اراميون و سريان ايضا ؟!
■ يبقى السؤال الأهم .... هل يعقل بانه لا توجد رواية تاريخية كاملة لدى المسيحين حول بدايات الاسلام و حول شخصيات الاسلام و لا توجد لديهم حتى رواية رسمية كاملة للفتوحات حسب ايمانهم بها ، بل لا توجد ايضا لدى اليهود و لدى المصادر الرومانية ، لا يعقل ابدا .. مهما حاول البعض من تقديم اجابات و تفسيرات .... الامر غير منطقي ابدا ابدا .... و يزيد تاكيد عدم منطقية الامر بانه لا توجد ايضا لدى اليهود رواية تاريخية كاملة حول السيد المسيح ابدا . الا يثير هذا الامر اسئلة ؟
الا يبدو بان هناك خطا ما تاريخي و نحن لم ننتبه له، او و ربما هناك خدعة تاريخية ؟!
لما لا ؟! ، فكل شيء جائز.
يمكن تحديد المسالة اكثر لدى اخوتنا المسيحين بثلاث اسس جوهرية : الرواية التاريخية ، الزمن ، اللغة .
● لكن الحقيقة ليس المسيحين وحدهم من يملكون هذه النظرة ، فهناك طوائف دينية اخرى تعتقد ذلك بسبب ارتباط مفهوم الاسلام بالعرب .
● و هناك ايضا ...... الذين هم من خلفية اسلامية او غيرها من الشخصيات و الجماعات و الاحزاب التي تتبنى الفكر العلماني و الليبرالي، و الذين يرفعون شعار الهويات كاساس لاصلاح واقع الدولة و يطرحون موضوع الاقليات كخطاب حداثي يتوافق مع التاريخ و الواقع. و يعتقدون ان سبب الوضع الحالي هو التخلي عن عن الهوية الاصلية ، فهم يعتقدون بانه كان لهم تاريخ كبير و عظيم و تشهد عليها النقوش، و كان لهم و هوية مختلفة و عقيدة مختلفة كانت مرتبطة بالجغرافيا التي هم فيه ، حتى جاء العرب مع الاسلام و خدعوا اجدادهم بدين او فرضوا عليهم دين بقوة السلاح ، و اكثر هولاء من الباحثين و المهتمين في التاريخ القديم وهواة مطالعة و قراءة نقوش الحضارات القديمة .
هذه الفئة قد يكون كلامها صحيح ، لكن هذا المنطق يفرض علينا ان نطرح نقاط مهمة :
■ اذا افترضنا ان نقوش المنطقة هي مقياس للبحث عن الهوية، فهذا يجعلنا نطالب الجميع باحراق كل كتب التاريخ الموجودة حاليا، و البدء من جديد و من الصفر .
لان كل التاريخ الحالي القديم للمنطقة قام بكتابته عدو رسمي ، و هو الغرب ، و لم يكتبه احد من المنطقة. انها الحقيقة .. نحن لم نكتب بعد تاريخنا ... الغرب هو من كتب تاريخنا . نحن لم نكتب شيئا حول تاريخ بلداننا ، فنقوشنا القديمة قام الغرب بفكها ، و النظريات التاريخية اما كتبها الفرنسيون او البريطانيون او الامريكيون، وبعثوها لنا لنترجمها هنا بشكل خاطئ او صحيح، و قد حفظناها عن ظهر قلب واعتبرناها تاريخنا الوطني و تاريخ منطقتنا .
و عندما يكون هولاء الذين يتحدثون عن الهوية القديمة مسؤولين عن انفسهم جيدا ، و فكوا نقوش المنطقة بانفسهم ، و كتبوا بانفسهم تاريخهم بلدانهم الحقيقي ، سيكون ساعتها عندهم كل الحق في الحديث و بثقة تامة و اثارة موضوع الهوية ، لاننا نريد فصل الموضوع نهائيا و نكون دقيقين في المسالة و لا نظلم احد، لان الغرب ليس يد امينة اطلاقا، و محل شبهة كبيرة، و علينا ان نبدا من البداية .... في فك نقوش المنطقة بانفسنا، و عندها سيكون الكلام منطقي جدا .
● اما في حالة بعض اخواننا الامازيغ فهي مختلفة نوعا ما عن المنطلقات السابقة لانها مرتبطة باللغة اكثر و ليس بالدين.
فلديهم لغة يقولون انها منفصلة عن العربية و ليست لهجة عربية و يحملون نفس الفكرة السابقة بانهم ليسوا عرب و ان العرب وافدون عليهم و غزاة و هم من قاموا بتعريب بلدانهم .
في هذه الحالة يجعلنا الامر نرى مفهوم العربي مرتبط باللغة ، فهم يقولون ان لغتهم منفصلة و هي ليست عربية بدليل انهم لا يغهمون العربية الا في المدارس و لو تحدثت بلغة عربية في مناطقهم فلن يفهما احد ، و هذا يدل على انهم قوم مختلف بعكس شعوب المنطقة الاخرى التي يفهمون العربية ، و هذه المنطلقات التي يتبناها البعض حيث تنظر للعرب من منطلق اللغة كعلامة تميزهم عن بقية الاقوام و ليس الدين كما في الحالة المسيحية.
لو افترضنا ان اللغة هي مقياس معرفة العرب ، فهذا يجعلنا نطرح اسئلة منطقية ، و نبحث عن اجوبة لها منطقية حتى يمكن ان نعتمد اللغة كمقياس للعرب .
■ ما المقصود باللغة العربية؟ ، هل هي الفصحى ، لو اعتمدنا اللغة الفصحى كمقياس للعرب ، فلا يوجد شعب في المنطقة يتكلم لغة فصحى ، فكلها لهجات عديدة ، و هذه اللهجات من منظور علم اللغة يمكن اعتبارها لغات اصيلة .
فهناك مثلا اللغة المالطية التي يراها البعض لهجة عربية قريبة للهجات في المنطقة بينما هي لغة رسمية و لها قواعد ، هذه اللغة المالطية يفهمها السائح العربي الذي يزور مالطا .
الحقيقة ........ لا يوجد شعب يتكلم لغة عربية فصيحة الا بالكتابة و المعاملات الرسمية، و ربما لو حاولت التحدث بتلك اللغة الفصيحة في مناطق معزولة امام كبار السن فسيجدون صعوبة في الفهم . كحال اللغة المالطية التي يمكنك فهمها لكن المالطي نفسه لا يستطيع فهم اللغة العربية الفصحى .... لذلك قالوا في المثل قديما ..... كالمؤذن في مالطا .
فالماطلي لايفهم الاذان بالرغم من انه يتكلم عربي .
■ لكن لماذا تفهم شعوب المنطقة لهجات المنطقة ؟
مثل حال اللهجة المصرية التي يجد الكثير سهولة في فهمها، لكننا نعتقد ان السبب قوة الاعلام المصري في الوقت الحاضر و ينطبق على لهجات المنطقة الاخرى كالسورية و غيرها، الاعلام الذي يقدم مهارات الاستماع لدى الجمهور و لولا الاعلام لوجد الكثير صعوبة في فهم اللهجات ، و لو طلبت من رجل كبير في قرية منعزلة ان يسمع ل اللهجة المصرية فلن يفهمها، و لديك الحالة المالطية التي تستطيع فهم لهجته لكن المالطي لا يستطيع فهم لهجتك .
الحالة المالطية تجعلنا نطرح سؤال مهم ... هل نستطيع ان نقول عن المالطيين بانهم عرب، لاننا لا نستطيع ان نقول ان الدين هو سبب تعريب المالطيين لانهم ليسوا مسلمين؟!
■ لو افترضنا صحة منطق جماعة الحراك الامازيغي، فالسؤال :
هل يوجد اي دليل اثري او مادي يؤكد اللغة الامازيغية قبل الاسلام؟
لا يوجد .... بل بالعكس ما يصطلح على تسميتهم فينقين في الكتابات الغربية لديهم اثار كثيرة جدا في شمال افريقيا ، مع انه و بحسب منطق الامازيغ ... فالفينقين ايضا وافدون مثل العرب، فتستغرب و يجعلك تطرح سؤال ........ كيف ان الوافدون يكتبون النصوص دائما و يكون لهم اثار يخلفوها ، بينما اصحاب الارض في صمت مريب و ليس لهم اي أثر كالامازيغ ؟ .
اعتقد بان هناك خطا ما .... و ربما هناك خدعة تاريخية .
دراسة الحالة لدى الامازيغ ، تجعلنا نفهم ان التصور حول العرب مرتبط اساسا باللغة ، فاللغة هي التي جعلتهم يطرحون سؤال من هم العرب، هي التي اعطتهم شعور بالاختلاف و عليه فان الاختلاف يفرض عليهم الاعتقاد بان لغتهم هي لغة اولية و العربية دخيلة عليهم و فرضت عليهم ، و ستؤكد الفتوحات قناعتهم و تبدا المخيلة التاريخية تشتغل في ايجاد كل ما يؤكد منطقهم.
-----------------------------
من خلال النماذج السابقة اعتقد انه من الطبيعي جدا ان يصلوا لتلك التصورات .
لكن لو افترضنا عدم وجود ارادة منظمة خارجية تتمثل بالمشروع الصهيوني الغربي ، و تقف خلف هذه الموضوعات و تحاول اثارتها لتفكيك المجتمعات حتى لا يكون هناك حساسية من اعتبار الموضوع مشاريع خارجية ، فهذا يجعلنا نطرح سؤال :
هل تصوراتهم مشروعة و يجب طرحها ؟
نعم مشروعة ، و لكن يجب ان تكون هناك طاولة واحدة تجمع الجميع في الوطن و يتم طرح الموضوع للنقاش و بصراحة اخوية و يبدا الجميع من البداية ، من اول نقطة و نبحث و نفتش عن التاريخ بانفسنا و علينا ان نتقبل كل التاريخ المخفي و الحقائق المخفية الذي كان للسياسة دور في اخفاءها ، مهما كانت مؤلمة و نخرج براوية متفق عليها تكون هي رواية وطنية ... و هذه مهمة اصلاحية و ترتيب داخلي في الوطن .
لماذا اقول ذلك ؟
لان الحديث في هذه الموضوع لا يكفي لحل المشكلة اطلاقا، فهناك روايات تاريخية خاطئة و غير سليمة تحملها اطراف كثيرة ، و يتداخل فيها الزيف و الاسطورة و يجب معالجتها و تصحيحها و الخروج برواية سليمة متفق عليها.... لان الموضوع الذي يطرح قد يكون له علاقة بالحقوق ، لكنه مرتبط بشكل اكبر بوجود نوع من الشرخ في المخيلة التاريخية داخل الوطن الواحد و يجب اصلاحه . هناك غل مفتعل في القلوب نتيجة مخيلة خاطئة.
------------------------------------------
اذن فمن هم العرب ؟
انا لست في مهمة اصلاحية ، انا ابحث عن جواب علمي دقيق ، و قد شغلتني لفترة طويلة قصة العرب و من هم العرب ، و لماذا اصبح يطرح هذا الموضوع كثيرا في الوقت الحاضر، و كنت اعتقد ان هناك ربما امر منطقي و حقيقي يجعل هذا السؤال مطروح بشدة ، لكني بعد فترة استطعت التخلص من تاثيرات كثيرة في فهم الموضوع جيدا و خصوصا التاثيرات السياسية التي تعمل من منطلق مشاريع مدعومة خارجيا ، و حاولت تصنيف من يطرحون الموضوع كعامل مساعد لي في اجابة السؤال ، و المنطلقات التي ينطلقون منها ، و فكرت بالبحث و لم اكن اريد البحث عن صيغة توفيقية لاجابة على سؤال من هم العرب فهذه ليست مهمة علمية بل مهمة اصلاحية ، كنت اريد البحث اعن اجابة علمية و دقيقة و منطقية للسؤال، اريد حقيقة قاطعة .
الثلاثة التعريفات السابقة للعرب التي حصلنا عليها من نقاش منطلقات الجماعات السابقة تجعلنا نعتقد ان هناك فكرة مغلوطة تسبب فهم خاطىء لمسمى العرب و هذا الفكرة ستسبب لنا صعوبة في ايجادنا الجواب الصحيح حول هذا السؤال.
مؤكد انها فكرة قادمة من التصورات المسبقة التي ورثناها ، لكن من اين ورثناها؟! ، هل هي الرواية التاريخية الدينية التي صنعت لنا مخيلة تاريخية مختلفة .
فمثلا ... جميع الفرق السابقة تشترك في نقطة واحدة ، و هي قصة الفتوحات الاسلامية كرواية رسمية حقيقية و ثابتة ينطلقون منها لشرح و تفسير اسئلة كثيرة تجول في عقلهم و التي اوصلتهم لهذا التصور .... فهل كانت الاسئلة ستطرح لو لم تكن هذه الرواية موجودة ؟!
سنحاول ان نضع جانبا فكرة الفتوحات الاسلامية و نؤجلها لوقت اخر ، و لنفترض انها لم تحدث لتبسيط الموضوع ، لاني لست في مبحث عن الانساب حتى انسب اقوام للعرب ، اريد ان ابحث عن العرب لوحدهم .
لو حاولنا البحث عن جواب للسؤال السابق:
- فهناك الرواية الرسمية للاسلام، و التي تتحدث عن مكة و بصورة اشمل الحجاز بحكم انها بلد الرسول العربي.
- و هناك الرواية التاريخية العربية الرسمية التي تتحدث عن اليمن هي اصل العرب الحقيقي.
- لكن بدات قراءات جديدة تشك في تلك الروايات الرسمية.
فهناك من يتحدث بان العرب العاربة شمال الجزيرة و العرب المستعربة جنوب الجزيرة.
و هناك روايات النبي الكلداني و التي تتطابق مع رواية الاسلامية التي تتحدث عن قبائل جرهم التي علمت اسماعيل العربية .
و هناك رواية تتحدث عن المنطقة ما بين الشام و العراق هم العرب و هناك روايات عن سيناء الخ .
لكن لا تجد جواب قاطع و نهائي ، فمعظمها تستند على تصورات مسبقة و حفريات اللغة و مطابقتها برواية الاسلام و المصادر العربية الاولى و غيرها .
و اعتقد ان الخطا الذي يقع فيه الكثير عند اجابة السؤال يعود الى نقطة اساسية يتفرع منها مشكلتين :
النقطة الاساسية هي في اللغة .
و تكمن المشكلة في مسميات الاقوام التي يتم ذكرها و لا وجود تعريف دقيق لها من هم و من يكونوا و من اطلق عليهم التسمية حتى نعتقد انهم قوم مختلف ، هي مجرد مسميات في المخيلة نتاج القراءة التاريخية و لا تعرف اي تصور واضح حول من يكونوا . تشكل زحمة و فوضى في المخيلة .
فمن هم النبط و الاشور و السريان و العرب و العبرين و الخ ، اين كانوا تحديدا و من اين اتو في البداية ؟!
و الدليل محاولات البعض ايجاد صيغة توفيقية لمسميات الاقوام كمهمة اصلاحية ، فهناك من يقول ان اسم السريان هو السريان الارامين، و اسم العرب هو العدنانين او الاسماعين و هناك من يطلق على البابلين اسم ( البابلين العيلامين ). و هذا دليل قوي على ان تصوراتنا مازالت غير واضحة .
فمثلا قبل قرن تقريبا .... لم يكن احد يعرف مسمى فينقي ، الا بعد قراءة الكتابات الغربية مؤخرا ....و بعد قراءة كتب التاريخ الغربية تكونت في المخيلة مسمى جديد لشعب جديد و اسمه الفينقين .
و هذا الامر يحدث مع كل قراءة جديدة للتاريخ و فرض مسميات اقوام و شعوب.
مشكلة الاجابة عن سؤال من هم العرب يكمن في نقطتين :
◆ المشكلة الاولى ان الكثير يبحث عن اسم العرب تحديدا قديما في مسميات القبائل و الشعوب في ارشيف الرومان و اليونان و الوثائق اليهودية و المسيحية و في نصوص النقوش القديمة، لكنك لا تجد اسم العرب تحديدا بشكل واضح بل محاولات الصاق تسميات و الاعتقاد بها.
◆ المشكلة الثانية ان الكثير يبحث عن شعب او قبيلة و يفترض انهم العرب، فاصبح لدى العرب مسميات عديدة في التاريخ ، فهم الانباط و هم السينائين و القيدارين و الاسماعيلين و السراسنة ( رغم انها صفة تقبيحية و ليست مسمى).
و هنا يكمن الخطا، لان البحث لم يركز على اصل التسمية عرب من اين اتى حتى يمكن فهم الاجابة .
---------------------
لا يمكن فهم اصل تسمية عرب ، الا بالرجوع للمصادر الاولى التي ذكرت التسمية فلدينا القران كمصدر اساسي و اعتمادنا على القران لاننا نعتقد انه اول نص اساسي يحفظ ذاكرة تاريخية ، ثم اول روايات تاريخية عربية حول العرب . ثم مصادر اليونان و لكن بحذر شديد .
لدي منهج خاص اسير عليه في البحث ، و من منطلق هذا المنهج اعتقد بان تاثير الدين كان هو الاساس في تصورات الانسان و مصطلحاته و مسمياته، لذلك نعتقد ان كلمة عرب جاءت من منطلق ديني و ليس من اي منطلق اخر ، و ما يعزز اعتقادنا اننا نجد تاكيد لذلك ان علماء الدين كانوا و مازالوا يهتمون بعلم الانساب و يعتبروه يدخل ضمن مجال الدين ، و نفس الحال عند اليهود في التوراة التي فيها فصول اهتمت في الانساب و الشعوب .
ليس غريب ان يعتقد البعض ان الاسلام مذهب يهودي ، و كما قلنا سابقا في منهجنا الذي اعتمدناه في البحث و التفكير باننا امام حالة دينية واحدة غير منفصلة و غير مقتصرة على اليهودية و الاسلام بل مع المسيحية ايضا ، و التصورات التاريخية الدينية لا يمكن ان تختفي بل تتطور حامله معها لغتها الدينية الجديدة ، و لاننا امام ثلاث روايات دينية ، لذلك اعتقد باننا لن نستطيع فهم كلمة عرب الا بمقارنتها برواية اخرى دينية سابقة ، حتى نستطيع ان نلاحظ التحورات التي حدث للرواية حتى نفهم اصل كلمة عرب.
على افتراض صحة الترتيب الزمني لظهور الاديان حسب الزمن الروماني ... اليهودية ثم المسيحية ثم الاسلام
فانا اعتقد ان الحالة اليهودية متطابقة بشكل كبير مع الحالة العربية ، حتى في المشكلات التي صاحبت الوعي في فهم معنى العبري و الحالة اليهودية ...... سوى وعي اليهود انفسهم او غير اليهود ، و التي هي نفس المشكلات التي صاحبت الوعي في فهم من هم العرب ... الوعي لدى المسلمين و غير المسلمين .
و لهذا فنحن نعتقد اننا في الحالة الاسلامية امام رواية حديثة لرواية اقدم موجودة عند اليهود، و على حسب افتراض صحة ترتيب ظهور الاديان حسب الزمن الروماني :
ففي الحالة اليهودية .... هناك اليهودي و هناك العبري و هناك اللغة العبرية، و هي متطابقة للحالة الاسلامية، فهناك المسلم و هناك العربي و هناك اللغة العربية ، بل يصل التطابق الى ذروته بقصة الاصل ..... فاليهود حسب الرواية الصهيونية ليسوا من ابناء تلك البلدان و انما وافدون قادمون من فلسطين، و المسلمين حسب منطق البعض ليسوا من اصل تلك البلدان بل وافدون من الجزيرة العربية .
ساعتمد في هذه النقطة على مناهج الغرب في العلوم الانسانية رغم فسادها و اخطاءها الكارثية ......... حتى نصل الى اكتشاف ان اصل المشكلة اوجده المنهج الغربي.
الا يمكن ان يكون العبري هو العربي لكن بعد ان تطورت اللغة و اتخذت منطوق جديد ؟!، خصوصا ان الرواية الدينية للجميع تقول بان العبريين هم ابناء عم العرب .
بالنسبة لي .............. لا اعتقد ان العرب ابناء عم العبريين ، لان العبري هو نفسه العربي ، لكن اليهودية احتفظت باللغة القديمة التي دون بها النص الديني و التزموا بها ، ثم انتقلنا لحقبة زمنية احدث ، و في فترة تحمل داخلها لغة جديدة حتى وصلت تهجئة كلمة ( عبر ) ب ( عرب ) ، و في هذه الحقبة خرج ديني جديد يملك اللغة الجديدة و فرض منطوقه على المؤمنين و اصبحت هي المعتمدة الصحيحة الرسمية المتوارثة .
سيجد الكثير صعوبة في فهم هذا النقطة ، و اعتقد ان هذه الصعوبة بسبب تصورنا الثقافي حول مفهوم اللغة بشكل عام، فنحن نملك ثقافة تعتقد بان اللغة هي عملية استدعاء لكيانات مستقلة خارجية ، فمثلا ........... عندما ننطق اسم ما لشيء ، فاننا في اللاوعي نقوم بعملية استحضار الشيء نفسه و نعتقد بوجوده ككيان مستقل خارج الذات ، لكن عندما يختلف نطق الاسم بشكل بسيط ، فنحن نعتقد اننا امام كيانين مستقلين و مختلفين ..... فاعتقد الجميع ان كلمة( عبر ) تسميه لقوم و كلمة (عرب ) تسمية ل قوم مختلف اخر . اعتقد اننا بدانا نقترب من الجواب كثيرا .
لكن هناك ظاهرة غريبة حقا و ملفته، و لا ينتبه لها الكثير عند النظر الى مفرادت اللغة العبرية و السريانية من جهة و بين مفردات العربية من جهة .
عند البحث ........... ستجد ان هناك الكثير من المفردات بين هذه اللغات متشابهة تقريبا ، لكنها مختلفة في ترتيب الحروف ، فتجد بشكل واضح عملية ابدال ثابته بين حرفين بين اللغة العبرية و اللغة العربية . و تجد ايضا حروف معكوسة بين اللغة السريانية و اللغة العربية.
هل هي صدفة ؟ ... لكنها تتكرر كثيرا ... فهل هي لهجات مختلفة او لغات حقا كما قالوا لنا، أم ان الامر ليس كما قالوا لنا؟! ...... هل الامر مرتبط بنصوص دينية قديمة و مقدسة و حدث تحريف لها نتيجة سوء ترجمة للنصوص ، فانتجت لغات دينية جديدة ؟!
كل شيء وارد و غير مستبعد .... خصوصا و ان عملية تدوين كتابي العهد القديم و العهد الجديد، قد جاءت باوامر سياسية من قبل حاكم يوناني و روماني لا ينتمون للمنطقة .
لنفترض حسب المنهج الغربي الحالي الذي لا يعارضه الجميع، بان لغات المنطقة مرتبطة ببعض، و بان العربية تطورت عن الارامية و السريانية ، و لنفترض انه حدث تحور في اللسان بين فترة اليهودية حتى ظهور الاسلام، فكما نعلم بانه وفق الرواية اليهودية فالعبريون سموا بهذا الاسم لانهم عبروا نهر( يردن) .
و من خلال ملاحظتنا السابقة حول وجود عملية ابدال ثابته بين حرفين بين اللغة العبرية و اللغة العربية
فاذا كان (العبري) هم من عبروا نهر (يردن) ( الذي يقال انه نهر الاردن حسب الرواية الصهيونية الغربية )، فهل ( العرب ) هم من عبروا نهر (ريدن) ايضا ؟
انظرا الى الابدال الثابت لحرفين بين اللغتين :
عبر = عرب
يردن = ريدن
الا يذكركم اسم ريدن بشيء ؟
لو بحثنا في التاريخ القديم فاننا سنجد بان ريدن تكتب هكذا في نقوش المسند و تنطق ريدان .. و كانت المقر الرسمي لمملكة حمير التي حكم منها الحميريين، و الذين تبنوا اليهودية كدين رسمي ، حسب الرواية المتعارف عليها التي تذكرها كتب التاريخ و المسجلة في نصوص سريانية كما في رواية الشهداء المسيحين الحميرين .
ما هي الاهمية الكبيرة من وراء عبور نهر يردن او ريدان و التي من اجلها جاءت تسميه العبرانين بهذا الاسم ؟ .
لابد ان يكون مثلا عملا كبير يؤرخ عليه تسميتهم ب عبرانين ، فهم من سموا انفسهم عبرانين ، هل هناك في اليمن نهر اسمه نهر ريدان ، او وادي يجري فيه سيل مائي كبير و اسمه ريدان ؟
الا يمكن ان يكون المقصود بالنهر هو البحر؟!، الا تبدو كلمة ريدن مقاربة للفظة Red في اللغة الانجليزية و التي تعني اللون الاحمر ، و هي المنطقة التي حكم منها الحميرين ( من اللون الاحمر) ؟!.
فهل ( العبريون ) او ( العرب ) هم من عبروا النهر الاحمر ؟ ، او بالاصح هل هم من عبروا البحر الاحمر ؟
بماذا يذكركم البحر الاحمر في التاريخ ؟
الا يذكركم البحر الاحمر بالرواية اليونانية ( التي يعشقها جماعة الفينيقين في المنطقة ) و التي تتحدث عن اصول الفينقين و بانهم جاءوا من وراء البحر الاحمر .
فينيق في اليونانية = لون الاحمر
اليست الجملة ... الفينقيون الذين جاءوا من وراء البحر الفينيقي، هي نفسها الجمل .... الحميريون من جاءوا من البحر الاحمر ؟!
هل هي الصدفة ان يكون البحر الاحمر بجانب البحر العربي ؟
اذن ................. هل الحميريين( لون احمر) هم من جاءوا من وراء البحر الاحمر ( لون احمر) ، و هل العرب من جاءوا من وراء البحر العربي ؟
و كانه و صف مختلف لعبور واحد و حادثة واحدة و فكرة واحدة ...... الاختلاف بسبب التسمية و اللغة .
الا يمكن القول بان هذه الرواية التاريخية المتنازع عليها، ليست الا رواية قديمة و عامة و متعارف عليها منذ القدم و تتحدث عن بدايات الهجرة البشرية الاولى فقط و التي خرجت من اليمن و انتشرت في كافة المنطقة ، و لا علاقة لها باليهود تحديدا بل هي رواية الجميع، جميع شعوب المنطقة ، لكن اليهودية حصرتها في لغة منطوقها مختلف عن منطوق اللغات الاخرى، و احتكرتها في دين مغلق، ثم اعتقدت انها رواية خاصة بها ،خاصة بجماعة دينية او عرقية او قبيلة خاصة او قوم معين مختلفة .و اعتقد الاخرين كذلك ، بسبب الزمن الروماني الذي صنع الترتيب الزمني لظهور الاديان و جعل الديانة اليهودية في الترتيب الاول ؟!
نعم هذه هي بداية تاريخ المنطقة ، بداية زمن المنطقة .. قصة الخروج القديمة لقوم (سبأ) و المدونة في كتب التاريخ . قوم سبا الذي باعد الله بينهم و بين اسفارهم .
من الوادي الأحمر او وادي عريب ( يعرب حسب كتب التاريخ) ... في المكان المسمى بكة .
و هو المكان المرسوم في كل نقوش المنطقة القديمة . لكن لا احد ينتبه له ...... لان الغرب قد لحس عقول شعوب المنطقة بتفسيراته المزورة لنقوش المنطقة.
هل تريد رؤية نقوش المنطقة التي تتحدث حول هذا المكان؟
ساعطيك في هذا المقال نقش مصري ، و ساعطيك في مقال اخر نقش اخر من العراق .
انظر الى النقش المصري الموجود في الصورة
انها ليست صورة لنهر النيل اطلاقا كما يعتقد الكثير ، بحكم كونها من نقوشو اثار مصر ، لان هذه الصورة هي للبحر الاحمر و البحر العربي .. خريطة تقريبية تظهر فيها بوضوح جغرافيا اليمن .
و المكان الموجود فيه الملك المصري ( احمس) على الصورة هو النقكة التي خرجت منها المنطقة .
هولاء هم العرب و الحميرين و الفينقين .... الذين عبروا البحر الاحمر او العربي ... الذين جاءوا من وراء البحر الاحمر او البحر العربي .
مقال رائع،ومهم جداً،وسنرى ماسيتبعه..لكن الاخطاء الاملائية والنحوية كثيرة،نرجو الانتباه لها...
ردحذفمقال رائع،ومهم جداً،وسنرى ماسيتبعه..لكن الاخطاء الاملائية والنحوية كثيرة،نرجو الانتباه لها...
ردحذف