هل مبالغة عند القول ان تعز مجرد ورقة اعلامية لخدمة العدوان على اليمن ؟
لا ليست مبالغة ، هي الحقيقة الجلية لمن يحتكم للعقل في تحليل الاحداث و الوضع في تعز ، تعبنا و نحن نحاول توضيح هذه الحقيقة بعدة اساليب ، صحيح اني تعمدت و تقصدت الاسلوب الاستفزازي في طرح هذا الموضوع في اكثر من وقت، و ليس لسبب الا محاولة للخروج من تلك الموجة الكاسحة التي تكتسح مواقع التواصل و القنوات الاعلامية باسم تعز، و ظهور اصوات مختلفة في رؤية تلك الموجة بطريقة مستفزة ، حتى يظهر هذا الصوت الخافت و المختلف بصورة اوضح امام ضجيج هذا الموجة، و ربما لعمل عصف ذهني تقوم بعمل صفعة قاسية ل حالات التنويم المغناطيسي التي تقودها تلك الموجة .
السعودية لها مشروع تحاول ترتيبه في اليمن مهما كلف الامر، و هذه حقيقة يتفق عليها كل اليمنين و لا تحتاج الى نقاش، و في ظل هذه الحرب التي تقودها السعودية و تحالفها على اليمن، تحتاج الى صوت في الداخل اليمني يخدم مشروعها اعلاميا بطريقة مباشرة و غير مباشرة و يقوم بترتيب مشروعها بالدعاية المباشرة و غير المباشرة وفق متغيرات الحرب التي تجري، و لكن لان كل الاوراق انكشفت تقريبا فالاعلام المباشرة الذي يخدم تحركاتها و مواقفها و افعالها لن يكون له تجاوب، خصوصا و ان السعودية لا تشكل اي قبول لدى اليمنين بصورة عامة، لذلك لاحل لديهم الا الطريقة الغير مباشرة ل القيام بهذه المهمة في الداخل اليمني.
كيف يمكن للسعودية صناعة الاعلام و الدعاية الغير مباشرة لخدمة مشروعها؟
الجماعات و الاحزاب و الشخصيات الموالية للسعودية انكشفت للجميع و بالصورة العامة تخدم السعودية و لن تكون طرف محايد، لذلك تعمد قنوات الاعلام السعودية على جعل المعركة دينية او طائفية ، او جهوية او مناطقية ، من خلال تلك الاشياء يمكن اختراق الوعي و توجيهه بطريقة غير مباشرة لمشروعها، لكن الصعوبة ان هذا الامر لا يمكن ان يتحول الى موجه عارمة اذا لم يكن لديها حامل منظم. و استطاعت السعودية ان تجد لها ذلك الحامل المنظم ، لخدمة مشروعها بطريقة غير مباشرة ، و هذا الحامل القوي سيكون تعز ، بالاستفادة من عاملين اثنين كفيلان بصناعة ذلك الحامل، العامل الاول ذاتي و العامل الثاني موضوعي.
العامل الذاتي
دعونا نكون صريحين و لا عيب في ذلك، هناك من يرفع اسم تعز كهوية متفردة و تملك خصوصية عن باقي اليمن ، كحالة من الخصوصية التي تفصلها عن الاخرين، قد تكون ظاهرة سيئة و قد تحمل جوانب صحية فيها ، لكن الاهم في ذلك ان الحاملين لاسم تعز يمثلون كثافة سكانية و توجد في كل مكان في اليمن، بل في كل مرافق القطاعات الحكومية و الخاصة و المؤسسات و المنظمات، و بالتالي فان استثمار هذه الميزة بالانطلاق من ثقافة مترسخة لديهم بالخصوصية المتفردة سيكون سلاح قوي جدا. و لذلك يصعب على الكثير ممن يرفعون اسم تعز دائما من فهم ما يجري ، لانهم ينطلقون من تلك الفكرة الراسخة لديهم في تحليل ما يجري.و نستعرض كافة الاسئلة و الاجوبة الجاهزة في محاولة لشرح ما يجري عندما تقول، لماذا فقط تعز دون بقية المحافظات، يكون الرد لان هناك كراهية على تعز، او لان تعز هي منطلق ثورات اليمن و البقية خانعون و هي تدافع عن نفسها . عندما تقول ، لماذا الاصلاح فقط في تعز، فقد تركوا صنعاء و ذمار و اب و غيرها، فقط تعز و شاهدنا الزنداني و قادة ميدانين للاصلاح في بداية الحرب في تعز، يكون الرد ان الامر لا علاقة له بالاصلاح ، فتعز اكبر من الحزبية و الخ ، و يصعب عليهم فهم ان الفعل على الميدان منظم حزبي ، حتى ان هناك البعض بدا يدرك الحقيقة هذه ، و بدا يستوعب الدور الاعلامي لتعز لخدمة السعودية و يقول لا اهمية لتعز الان الا دعاية، و عندما يستعرض فكرته هذا ، تجد الجميع يسخر من هذا ، و يقول لك ما يجري في تعز لان تعز اهم منطقة استراتيجية في اليمن ، لذلك هذا التوحش في تعز بسبب اهميتها ، و يسخرون ممن يقول لا اهمية لتعز بالنسبة لاجندة السعودية الا اعلام، و كانهم يريدون الدمار و القتل في تعز كي يثبتوا للعالم ان تعز مهمة بدليل تصدرها الاخبار، يعني ردود من منطلقات نفسية اكثر مما تكون واقعية. و عندما يقال في الاعلام بان مدن و مناطق ليست في محافظة تعز تحررت من الحوثي و صالح بدون الخراب الذي حصل في تعز ، يكون الرد جاهز بان الامر كذب و تزييف و يقولون ان الامر خداع ، يجب ان يكون خراب و دمار لاثبات التحرر في اي مكان ، و كاننا امام فكرة ان النصر لا يكون الا بالدمار و ليس بالعقل ، و عندما تقول ، و عندما تقول دعوا الدمار و الخراب ، يقولون لك تعز لها مشروع و لا يجب ان تستسلم و يجب ان تنتصر ، و عندما تقول الانتصارات لانصار الله ، يقولون لك لولا مؤامرة الخارج فهم يريدون كسر تعز و الا لما انتصر الحوثي ، و كاننا اما محاولة للذات النفسية وهي تحاول ان تثبت نفسها امام الاخر فقط و لا علاقة للامر بموضوع وطني . و فوق كل هذا عندما تتحدث في هذه الموضوعات و يصل النقاش الى عجز اثبات الحجج ، يصل الوعي الى فكرة تختلس المنطق بانك تكره تعز ، او مدسوس او لديك اجندة ضد تعز ، ليس منطق العامة بل للاسف حتى متعلمين ، و كاني لست يمني، و لا تنتمي تعز لي او لليمن ، و يكون على سكان تعز فقط الحديث عنها ، و الا فان التهمة ستكون حاضرة، و لما ينتقد شخص من سكان تعز الامر يصبحون نوعا ما متقبلين للنقد و ان زادت حدته ، اصبحت الخيانة مفردة حاضرة .
العامل الموضوعي
يعني لنا خمس سنوات و لم نفهم طريقة الاعلام في توجيه الراي العام ، الراي العام يستجيب لتوجيه الاعلام بلا شعور ، فيمكن لك من خلال التقدم التكنولوجي الان ان تستخدم امكانياتها في افتعال قضايا و خلق وعي جديد بما يخدم مصالح قوى سياسية ، تحدث مجزرة في ذمار ، اليوم الثاني نشوف حملة انقذوا تعز من الحوثي التي يحاصرها و يمنع عنها الماء و الطعام، يقترب موعد استحقاق سياسي او لجنة تقصي حقائق ، نرى حملة اسمها لاتقبروناش ، باستثمار صراخ طفل و نشر صور لا علاقة لها للتاكيد على حقيقة الطفل ، يحدث امر جديد و تحدث حملة جديدة اعلامية ، و لانها تعز ، الكل يتقاطر حتى ممن لا يرى في الامر كذلك يخاف من الحديث عنها بعقلانية خوفا من الاتهام بالعداء لتعز او التحامل على ابناءها، يتفق بذلك عامة و متعلمين و مثقفين، و خلاص لا يستطيعوا فهم ما يجري و هذه الموجه الا من منطلق المؤامرة و الاستهانة بدماء تعز ، و كان ما يجري في اليمن ليس الا في تعز ، اليمن تقصف على مدار شهور بصورة بشعة ، لكن حين يتعلق الامر فالجميع يصبح اعمى و لا يريد ان يفهم ، و يطرح سؤال ما الفائدة ان يحدث هذا التهويل في تعز الا لانها حقيقة ، و الامر ليس كذلك ، بل هو عمل منظم خلف الاعلام ، وعي ذكي يقوم بالتوجيه من خلال الربط بين القنوات الاعلامية لخلق حدث و ضخ الفضاء الاعلامي بالصور و التحليلات و الاخبار للتاكيد عليها ، و من يعيش بين الاعلام يعجز عن الفهم و بالتالي يندفع مباشرة و يسوق الاحداث كلها و كانه يعيشها ، و اكثر هولاء هم المغتربين بصورة عامة ، فالمغترب البعيد عن الوطن عندما يسمع خبر عن اليمن او عن اسرته يتملكه الرعب و يشعر بان امر كبير يحدث ، المغترب يرى كل شيء مهول و كبير دائما سوى في السلم او الحرب .
العاملان تم استثمارهما من قبل السعودية و جعل تعز اضحية لانجاح مشروعها في اليمن .
ماهو الحل؟
الان و بناء على ماسبق، نستطيع ان نفكر بحلول للمشكلة ، و هذه الحلول موجهة للجهات المسؤولة عن الاعلام الحربي في اليمن ، كي تراعيها في موادهم الاعلامية و في نفس الوقت مادة للقارىء العادي .
قلنا ان مشكلة تعز عاملين
بالنسبة للعامل الموضوعي فحلة يتمثل بتوضيح تلك العلاقة المباشرة بين اي جريمة تركتبها السعودية في اي مكان في اليمن فانه يعقبها مباشرة جريمة في تعز تنسب للجيش و اللجان الشعبية . و اعادة نشر تاريخ كل مجزرة سعودية في اليمن ليفهم الشخص السياق و يبدا يفهم لعبة الاعلام الذي يحاول الهاء و اشغال الوعي عن مجازر السعودية ، و ان مهمته التغطية على جرائم السعودية او محاولة . و لا ننسى ايضا ربط كل موقف سياسي جديد في المفاوضات او ظهور وعي جديد فانه يعقبها حدث في تعز للتغطية ايضا او تدمير اي وعي جديد .
بالنسبة للعامل الذاتي ، انا ارى ان تتوقف المقدمات الاطرائية حول تعز كالحديث عن تفردها كالحالمة و عاصمة الثقافة و قلب اليمن و المشروع المدني و كل من هذه التسميات عند الحديث ، لماذا ؟ ، يجب ان يخرج الوعي من حالة التفرد و الخصوصية التي تجعل العقل عاجز عن فهم مايجري ، لانه يفهم مايجري في اليمن على انه شيء و ما يجري في تعز حالة خاصة ، يجب ان تسقط تلك المركزيات في عقلة التي تعيقه عن الفهم، و سحبة لفهم ما يجري في تعز بانه ضمن مشروع سعودي الكامل في اليمن و ليست حالة خاصة في تعز ، حتى يصبح الوعي يدرك ارتباط تعز بكل ما يحدث في اليمن ضمن مشروع السعودية ، حتى يصبح الوعي مرتبط بالحالة كاملة . لكن يجب ان يكون نقد حذر و بناء لانها تمثل حساسية شديدة .
و هذه هو السبب وراء حديثنا المتكرر حول وجوب عدم ذكر فرادة تعز عند اي حديث لانها تعيق العقل عن الفهم و انها ليست معالجات جذرية بل عملية استمناء مؤقتة و تنتهي ، و التي تجعل البعض يتحسس منها و يفهمها بطريقة كراهية او عداء .
نحن الان من منطلق مسؤولية لعلاج واقع يجري الان ، و ليست لاجل معارك نفسية لا تخدم جهادنا ضد العدو الذي يشن علينا عدوان غاشم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق