الفضل و المنة في ثقافتنا .
انا كان لي فضل عليك . هل نسيت ؟
هذه الجملة مشهورة في ثقافتنا و التي تقال كثيرا عند الخلافات او وقت الحسابات في مجتمعاتنا .
الدين حاول علاج هذا الثقافة بالقول : الفضل و المنة لله ......فالله هو المثل الاعلى في وعي الانسان في مجتمعنا و الذي له اسماء كثيرة و هذا المثل الاعلى يمنع الانسان من ان يستعبده انسان اخر بحجة المنة و الفضل او القوة او الغنى او العلم او المقدرة...فهناك في وعي المسلم مثل اعلى .......هو القوي و الغني و القادر و المنان .
و في ثقافتنا الشعبية لمفهوم المصلحة معنى سلبي ، فنحن نقول عن رجل انه مصلحي كمذمة ، لانها تعني ان الرجل جشع و اناني ، فاصبحت مفردة تثير الاشمئزاز ، و يغيب عنا مفهوم المصلحة المشتركة، و لذلك لا نستطيع تحديد مصالحنا جيدا، فنحن ننظر الى اي عمل وفق منطق فضل و ليس مصلحة مشتركة متبادلة .
في لغتنا نعتقد ان اي عمل هو فعل صادر من شيء و متجة نحو شيء اخر و ينتهي .. رد الفعل غائب..مفهوم الفعل و رد الفعل شبه غائب...و ربما هذا قد انعكس على وعينا بجعل المصالح المشتركة غائبة في خطاباتنا .
قرات يوما مقال لكاتب و الحقيقة لا اعلم صحة بعض المعلومات التي جاءت فيه ، فهو يقول ان مفردة فضل غير موجودة في قواميس اللغات الاخرى وحدها مفردة موجودة في اللغة العربية ، الحقيقة بحثت بشكل بسيط في الانجليزي عن كلمة مرادفة لمعنى كلمة فضل فلم اجد .
قبل عدة ايام ...قرات مقال لكاتب عماني و اخر عراقي يطلبان من القراء عدم نسيان اليمن في انتصار حلب ، لان اليمن كان لها فضل في هذا الانتصار ، و شاهدت التعليقات و التي تشعبت و انتقلت للتاريخ و علاقات دول كثيرة.... مشكلة حقيقة بين الجميع .. الحقيقة اغتضت قليلا ليس لان كلامهم خاطىء او مسيء ، و لكن لان اللغة لم تكن سليمة ، و اصبح من الضروري اصلاح تلك اللغة و اصلاح المفاهيم للخروج من دائرة العك المتواصلة التي تحيط بنا كل يوم .
عندما تشتغل لدى شخص فهو ليس فضل ، بل مصلحة مشتركة ..انت حصلت على شيء و هو حصل على شيء بنفس الوقت . فعل و رد فعل .... مصلحة مشتركة . و عندما تعمل في دولة خليجية فهو ليس فضل بل شيء مقابل شيء ..انت تحصل على مال مقابل عمل ، هذا اذا استبعدنا مصلحة غائبة عنك حول تركيز دول الخليج على عمالة من مكان ما لحسبة غائبة عنك .
المصالح مشتركة .
عندما دعمت مصر ثورة الجزائر ...فهو ليس فضل من مصر بل مصلحة مشتركة ...دعم مصر للجزائر هو فعل و رد فعل ...و لان مصالحنا مشتركة ، فدعم مصر للجزائر هو بالاساس مصلحة مصرية....لاجل مصلحة مصر، لانه سينعكس على مصلحة مصر و يدعمها اكثر، و لان الجزائر بالحصول على الدعم المصري هي بالاساس مصلحة جزائرية ، ستصبح من مصلحة الجزائر هي دعم مصر ، و مصر ستدعم الجزائر .
المصالح مشتركة و المعركة واحدة
اليمن تقف مع سوريا ليس فضل ، بل مصلحة لليمن و في نفس الوقت يصب في مصلحة سوريا ، و دعم سوريا لليمن هي مصلحة سورية و في نفس الوقت يصب في مصلحة اليمن .
المصالح مشتركة و المعركة واحدة .
اليمن في حربها ضد السعودية و الدفاع عن نفسها ، هو بالاساس مصلحة يمنية و بنفس الوقت مصلحة لسوريا لانه يستنزف السعودية التي تدعم الخراب في سوريا .
المصالح مشتركة و المعركة واحدة
دخول الجيش السوري حلب ، هو مصلحة لليمن و مصر و الجزائر و العراق ...و عندما تقوم اي دولة بدعم سوريا في معركة حلب ، سوى دعم سياسي او اعلامي او عسكري فهو بالاساس دعم لنفسها ، مصلحة ذاتية قبل ان تكون دعم لسوريا او مصلحة لسوريا .
المصالح مشتركة و المعركة واحدة
لذلك من الخطا الحديث بلغة الفضل لسبب بسيط انها فكرة خاطئة .... منطق خاطىء ، و ايضا لا يمكن قياس مقدار الدعم المسمى (فضل ) بميزان المال او الاثر للحصول على المقابل ، لان العملية متبادلة ....مصالح مشتركة..... معركة واحدة.
على حد كلام سياسي الماني سمعته في حوار في اليوتيوب يقول بان من مشكلات العرب انهم لا يدركون مصالحهم جيدا و يتخلون عن كثير من المصالح بسبب غياب و سوء استخدام مفهوم المصلحة .
لذلك فان السياسة الناجحة للدول ....هي السياسة التي تنطلق من ادراك جيدا بمصالحها و في نفس الوقت تدرك مصالح الاخريين جيدا .
و عالمنا اليوم يقوم على سياستين:
1- سياسة قائمة وفق المصالح المشتركة(شراكة ) تراعي الدول و الشعوب و خصوصياتها .
2- سياسية قائمة وفق المصلحة الواحدة ( الهيمنة) لا تراعي احد جشع و انانية و توحش و تنتج خراب و دمار حتى على حساب الشعوب .
بشر المفكر الامريكي بصدام الحضارات و رد عليه مفكر بانه صدام المصالح ، و هو صراع بين الهيمنة و الشراكة ، بين المصالح المشتركة لشعوبنا و بين مصالح القوى المهيمنة .
المعري فيلسوف الشعراء يقول : الناس للناس من بدو و حضر ، بعضا لبعض و ان لم يدركوا خدم .
كل واحد يخدم الاخر ، الكل يخدم بعضه البعض ..و لا يدرك هذه الحقيقة الا من خرج من ثقافة الفضل و المنة (ثقافة ال سعود ) التي تريد استعباد الشعوب .
.
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق