في السياسة بشكل عام ...اي خطوة عملية تقوم بها الدولة، لابد ان يسبقها حملة اعلامية تقنع الشعب بتلك الخطوة باي اسلوب او طريقة.
لابد ان يكون هناك دعم شعبي لكل خطوة عملية تقوم بها اي دولة .... و هذا يدخل في موضوع أمن نظام الحكم، اجراء ضروري في سياسات الدول و لا يغيب ابدا عنها
ستتاكد من هذا عندما تقوم بمراجعة حادثة حرق الطيار الاردني.
كيف ؟
كما يعرف الجميع ........... الخطاب الديني يعتبر أقوى أداة تاثير إعلامية في مجتمعاتنا، لانه يمكن من خلاله التاثير السريع و القوي على الناس.
لذلك تجد دائما السعودية و دول في المنطقة من التي تتبع مسار السعودية السياسي، تخاطب شعوبها و شعوب المنطقة في القضايا السياسية عبر الاعلام بواسطة الخطاب الديني، فهي لا تستطيع ان تقنع الجماهير باسباب معاداة ايران الا عبر قصة شيعة و سنة او عرب و مجوس .
و الاردن كان من بين تلك الدول التي سمحت لاعلامها باستخدام الخطاب الديني في تبرير سياسة النظام الاردني .
لذلك كان النظام الاردني يدرك جيد العواقب من قيامه بخطوة سياسية معاكسة للخطاب السابق الذي قد اغرقوا به الشعب الاردني ، لانها سترتد عكسيا بمخاطر على أمنه الداخلي.
النظام الاردني جاءته اوامر بالمشاركة في التحالف الدولي لمحاربة داعش. ظاهر التحالف كان محاربة داعش، و لكن الجانب الخفي و الحقيقي لم يكن تحالف لمحاربة داعش ، بل كان تحالف لدعم داعش المكون من ضباط و جنود يعملون لصالح استخبارات غربية و اقليمية و مرتزقة اجانب و مغسولي دماغ، لغاية اسقاط دولة سورية و العراق .
لكن النظام الاردني كان يدرك جيدا ، بانه قد فتح المجال للاعلام في الاردن لاستخدام الخطاب الديني الدينية لتوجيه المجتمع مع سياسة النظام، و يدرك انه قد تم ضخ اعلام ديني في كل القضايا السياسية داخل المجتمع في الاردن، و يدرك جيدا بأنه يوجد نسبة كبيرة في المجتمع الاردني اصبحت تتعاطف مع داعش، كممثلين للسنة و ضد المجوس و الروافض و يسعون لتحقيق حلم الجماهير بالخلافة.
فكيف سيدخل النظام الاردني في تحالف لمحاربة داعش و التي هي معشوقة نسبة كبيرة من الجماهير في الاردن؟!
خطوة مثل هذه ستنعكس سلبيا على امنه الداخلي، لانها ستولد حالة من النقمة و السخط الشعبي على النظام الحاكم الاردني.
ما الحل ؟
لابد من اخراج مسرحية ، لاعطاء شرعية شعبية للنظام الاردني لكي يشارك في التحالف الغربي .
فتم تصميم مسرحية الطيار الاردني، بذلك الاخراج و التصوير السينمائي الضخم من عدة زوايا، و بتلك المشاهد المؤثرة و الحركات البطيئة التي نجدها في افلام هوليود ، عندما تتحرك شعلة النار بشكل بطيء حتى تصل الى مكان الطيار في القفص ، و بعدها مشاهد فيها مبالغة في التوحش بظهور جرافة تدك الطيار ، و في المشهد الاخير من المسرحية يظهر المخرج لقطة مؤثرة جدا جدا جدا ، مثل فلم ارنولد شوازنجر ( ترمناتور) ، صورة من زاوية احترافية و قريبة ليد الطيار الاردني و هي مرتفعة و خارجة من تحت الركام .
ثم في نهاية المقطع ..... يظهر نص مكتوب في الفلم لفتوى ابن تيمية و غيرها، و كلام لاحد جنود داعش و هو يبرر قيامهم بهذا العمل بناء على هذه الفتاوى المكتوبة في الشاشة مستدلين بنصوص دينية للتاكيد على انهم داعش و اقناع الجماهير انها داعش، مثل افلام هوليود تماما ، عندما تصعد شاشة سوداء عليها اسماء المشاركين في عمل الفلم من المونتاج الموسيقي و الممثلين و التصوير و المخرج.
و قام الاعلام النفطي بعرض مشاهد من مسرحية احراق الطيار الاردني لاول مرة على قنواته ، بالرغم من ان الاعلام بشكل عام يتجنب عرض المشاهد القبيحة و الدموية ، و تناول الموضوع بشكل مكثف و متتابع.
المسرحية عصفت بالشارع الاردني و سببت مشاعر غضب و سخط و الم في نفوس الشعوب الاردني ... و اصبح من يتعاطف مع داعش فهو خائن و حقير و سيواجه ردة فعل غاضبة من الشعب الاردني ، لانه يقف مع من يقتل الشعب الاردني بهذه الوحشية و الاجرام .
ثم يخرج وزير دفاع في الاردن ببيان للشعب الاردني و بان الجيش الاردني سيثار للجندي الاردني .و بعدها يظهر ملك الاردن المنقذ ( جرانديزر ) ، و يخرج بالزي العسكري و يركب طائرة للانتقام من داعش و يثار للمواطن الاردني ( يثار للشعب الاردني )
و هكذا وافق الشعب الاردني فكرة دخول الاردن في التحالف الغربي لقتال داعش ، و نجحت المسرحية .
و هذا الاستخدام السيء و القبيح في التوجيه الاعلامي و اخراج المسرحيات لتبرير اعمال السياسة، تسببت ايضا و بشكل عكسي بظهور فئة من الناس في المنطقة، خصوصا التي تتبنى افكار تنويرية و ليبرالية ، تعاني ايضا من اعاقة فكرية و ضهمية ، و لا تستطيع ان تفهم بان مثل ذلك الخطاب الديني و تلك المسرحيات لا علاقة لها بالدين، بل هي اعمال ذات وظيفة سياسية لتبرير تحركات الدول و مواقفها، و يجدون صعوبة في فهم هذه الظاهرة التي كل فترة يشاهدونها بهذا الزخم الاعلامي ، ويحولونها الى مقالات و تحليلات طويلة و عملية ربط بالدين و تجديد الخطاب الديني.
و القصة في وادي ، و الناس في وادي اخر لا علاقة له بالحقيقة
، اعاقة ذهنية شديدة بسبب الحجم الكبير للمسرحيات و كمية الصور الوحشية الكثيرة التي يرسلها الاعلام بشكل متواصل و التصقت باذهان الناس . و هذا هو السبب الذي يجعلهم يجدون صعوبة بالغة في استيعاب قولنا لهم بان مثل هذه الحوادث مسرحيات تقوم بها اجهزة الدول لتبرير عمل ما ، و لا علاقة لها بالحقيقة او بهذه النقاشات التي يخوضونها دائما و هذا الاعياء المستمر ، لان ردهم البرمجي المباشر و السريع و الدائم : هل تؤيد داعش و تحاول ان تدافع عنها .
عالم كله وهم.
ادوات و وسائل السيطرة و التحكم بوعي الجماهير اصبحت اكثرة قوة و فاعلية. فقصة الاردن هي نفس قصة المغرب تماما .
يعني بالله عليكم .... هل يوجد ناس يغتصبوا و بعدها يفصلوا الرؤوس و بعدها يقطعوا الجسد . لماذا ؟
في حادثة القنصلية السعودية مع الصحفي السعودي خاشقجي، عرفنا السبب المنطقي لقتل خاشقجي و تقطيع جسدة، فقد كانوا يريدون اخفاء الجثة نهائيا .
المخرج في مسرحية المغرب ، سيجيب عن السؤال السابق بدل عنكم: داعش هي السبب، لقد بايعوا داعش و طلعت الاخبار تؤكد هذا .. و الناس ستقتنع بهذا الجواب البسيط .
طيب .... يا داعشي اغتصب و اقتل و روح لك بعيد و لا تقطع الجسد، او اقتل و روح لك بعيد و ليش الاغتصاب، لكن مخرج الفلم يريد القصة هكذا لزيادة وحشية القصة ، و تجعل الناس تضج و يصبح حديث الساعة عند الناس .
لماذا يقومون بهذا اصلا ، ماذا يستفيدون ؟ هل يريدون جعل انفسهم حديث الاعلام و جعل الناس يتحدثون بهذا الزخم المتواصل و يصابون بالاعياء المستمر في فهم مثل هذه الظواهر، و يجعلون الناس يدخلون في نقاشات و تحليلات مكثفة و طويلة في كل وقت، بحثا عن السبب بدون ملامسة للحقيقة .
قصة المغرب اليوم هي نفسها قصة الاردن الامس
و هذا يدل على ان المغرب مقبل على خطوة سياسية عكسية قريبا، و هو يستبق هذه الخطوة بهذه القصة الوهمية لتهيئة الناس للموافقة عليها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق