كتب صديق تعليق على بوست لي يقول فيه ما هو تخصصك و ما هو دليلك على ان مشروع الجينوم اكبر عملية احتيال .
ساحاول الاجابة على سؤاله في هذا المقال ، لكن قبل ان ادخل في الجوانب العلمية ، يجب ان اتحدث في بعض النقاط كمقدمة اراها مهمة يجب ان اذكرها .
1- الكثير لا يستشعر ان للعلم سلطة على الوعي ، تقارب سلطة الدين ، بل ان العلم اصبح العقيدة الاقوى التي يمكن ان تكون ارضية للبشر في فهم العالم و هنا تكمن المشكلة حين يتم ترويج شيء غير علمي باسم العلم و يفرض كحقيقة مطلقة غير قابلة للنقاش . و هي نفس مشكلة الترويج لشيء باسم الدين . و عند تاسيس علم جديد فان اخطر مافية هو عملية التاسيس ، لان التاسيس الخاطىء ستكون عقيدة لن يستطيع البشر الخروج منها ، فقد عمدت في الوعي انها اسس حقيقة ..حتى تاتي موجة اصلاح علمي تعيد نقد الاسس و تنشىء اسس جديدة .
2- لدينا مشكلة و هي اننا مازلنا مستهلكين للعلم ، و لدينا قناعة باننا ملتزمين باي علم و ليس لدينا خيار في نقده او تطويرة ، نستهلك و نستخدم فقط ، و هذا سببه ان العقل لدينا معطل و غير قادر على الخلق و الابداع .
3- هناك فكرة لدينا انه لا يحق لاحد نقد العلم ، الا شخص غربي لان العلم خاص بهم ، و من يحاول نقد العلم من غير الغرب يصبح محل سخرية او غير مقنع ، الغرب اصبح له سلطة فوقية تمنع العقل من التفكير .
4- لدينا منطق خاطىء ان الكثرة دليل مؤكد على الصدق ، و من يحاول النقد يصبح غير مقنع و كلامه خاطىء، لانه مستحيل ان يكون الكل اغبياء و شخص واحد هو الصح . و هذا هو نفس منطق المجتمعات المتدينة عندما يحاول شخص نقد بعض المفاهيم الدينة ، يصبح محل سخرية او تهكم او غضب الجميع بحجة هل يعقل ان الكل غلط و لم يعرف الا شخص ؟.
5- لدينا مشكلة اللغة فمازلنا نعتقد ان اللغة منتج خارجي و ليست منتج انساني ، و ان المفردات اللغة تعبر عن جوهر للاشياء خارجية و ان اللغة تستدعي اشياء مستقلة موجودة خارج ذواتنا ..لماذا اقول ذلك و ما العلاقة ؟ .لانه لا يوجد علم جينوم مستقل ، نحن من اوجدنا هذا العلم و كتبنا مصطلحاته و مفاهيمة ، يعني نحن من وضع مصطلحات و مفردات هذا العلم و ليس هناك مصطلحات و مفاهيم موجودة في الواقع و نحن فقط اكتشفناها ، و يحق لنا اعادة كتابة مفردات و مصطلحات العلم بمنهج علمي .
الان لندخل في صلب الموضوع ، انا لست متخصص في علم الجينات ، يعني لا افهم جزئيات العلم و ليس لدي معمل متخصص استطيع ان اتاكد من الابحاث و اكشف هل حقا هناك اسس علمية او هناك اخطاء علمية او فعلا تصنيفات الباحثين لها اسس علمية او الابحاث المزورة .لكني تخصص علوم و ساتكلم في المنهج العلمي في الدارسات فقط على اعتبار صحة اسس العلم .
في البداية علينا ان نفهم بعض الاسس العلم . يعتمد مشروع الجينوم على فكرة ان الرجل يملك كروموسوم y غير موجود لدى المراة ، و من خلال هذا الكرموسوم يمكن تتبع هجرات البشر و تفرعاتهم ، لان الكرموسوم y ينقله الرجل لابناءه ، بمعنى انه يورث و الابناء ينقوله لابناءهم و هكذا ، بالتالي يمكن فهم و تتبع سلالات البشر من خلاله اذا وجدنا تغيرات فيه لانها ستنتقل للاجيال تباعا. و بالتالي علينا ان نبحث عن تحورات في الشعوب ، و سنجد تحورات متشابهة في مجتمعات .
في علم الجينات هناك صفات لها جينات ، هناك مثلا صفة خاجية مستقلة هي طول الانف و لها جين مسبب لها ، هناك صفة خارجية هي الشعر الجعد و لها جين مسبب لها ، و هناك صفة خارجية هي العيون العسلية و لها جين ، لكن لا توجد صفة خارجية مستقلة اسمها عرب ليكون لها جين مسبب لها ، بمعنى لا يوجد جين اسمه عرب او جين اسمه فرس او جين مستقل اسمه افريقي . كل البشر يملكون نفس الحمض النووي ، لكن يختلفون في وجود او غياب الصفات . و هذا لا اقوله انا بل يتفق عليه اصحاب العلم نفسه .
الفكرة تقول اننا نبحث عن تحورات في كرموسوم y في المجتمعات متشابهة و ليس عن جين مستقل متفرد ، و نطلق على ذلك التشابهة في التغيرات برمز مستقل Bb12 و هكذا .
اسمه تحور و ليس جين
1- يسمون تحور بانه خاص باليهود ، و هو امر مضحك جدا ، اليهود دين و ليس شعب او عرق ، و كاننا امام عقيدة جديدة تحاول فرض نفسها كما فرض التوراة عقيدة شعب الله المختار ، لا يوجد شيء اسمه شعب يهودي لانها بالاساس فكرة صهيونية فقط ، اليهود دين فقط ، فكيف يمكن ان تبنى اساس علمي على مجموعة بشر مؤمنة بدين، مع العلم بان اليهود ينسبون للمراه ليكون يهودي . هل يعني انه يجب علينا تسمية تحور في الكرومسوم باسم التحور المسلمين او المسيحين او الهندوسي .فهناك يهود في الصين و يهود يمنين و يهود اثيوبين . يعني شعوب امنت بدين ، فعلى اي اساس علمي صنفت تحور على انه لليهود ، هل على اعتبار تواجد هذا التحور بكثرة في اليهود، و هذا خطا لان اعتبار كثرته كدليل خطا علمي . هذا الخطا ينسف اعتبار هذه الدراسات علمية من اساسها .
2- يسمون تحور معين في الكرومسومات التحور العربي ، طبعا صنفوه بالعربي باعتبار تواجده بكثرة في الجزيرة العربية ، و وفق هذه الدراسة وجدوا نسبة 54 بالمائة من هذا التحور موجود في ايران ..نسبة كبيرة جدا...السؤال العلمي الذي يفرض نفسه : ماذا لو بدانا العمل وفق هذا المنهج من ايران و اكتشفنا تواجد هذا التحور في ايران بكثرة بنسبة 54 بالمائة و اعتبرناه التحور الفارسي ، ثم قمنا بدراسة في الجزيرة العربية و وجدناه بكثرة ، فاننا سنقول التحور الفارسي موجود بكثرة في الجزيرة و هذا دليل على اصول الفارسية للعرب ..هل عرفت اين اللعبة ؟
المنهج خاطىء و فيه تلاعب و ايديولوجيا مسبقة فكيف اعتمده كمنهج علمي ؟!
اين تكمن المشكلة ؟
المشكلة ان تعتمد منهج خاطىء و تعتمد تسميات خاطئة ، سيؤسس لاخطاء في الدراسات العلمية في مجالات اخرى ، و اكبر دليل على الايديولوجيا التي انطلقت منها تلك الدراسات التاكيد على ان اليهود شعب ، و فرضها كامر علمي غير قابل للنقد و الحقيقة مختلفة ، انت تؤسس لحقيقة التي تحاول الصهيونية فرضها على ان اليهود شعب مستقل بذاتة لكن هذه المرة باسم العلم و ليس باسم التوراة . ايضا فانت سوف تلعب بتاريخ بربطة بهذا العلم لتاكيد حوادث تاريخية او هجرات عن شعوب لتاكيدها رغم ان تواجد تحورات في كرموسوم معين لا نستطيع نسبها لشعب ، حتى على مر التاريخ ، لانه يجب علينا كشف تحورات الزمن القديم ايضا ...قد يكون تسمية عرب قديما تمت على مجموعة بشرية لها تحورات مختلفة تماما عن الحالية و بالتالي انت تقوم بدور تزوير و تخريب للحقيقة باسم العلم ، ليس هذا فقط قد نجد ان تلك المجموعة البشرية المسماه عرب قديما بعد فحص لها يوجد في داخلها تحورات عديدة و ليست كلها متشابهة ..بمعنى انها غير نقية تماما ..و اقصد بالنقاء التشابه الكامل في كل افرادها بالتحور . انت تستبعد قرون و الالف السنين مليئة باحداث و هجرات و انتقالات و تلاقح ثم تاتي اليوم و تفرض تسميات قديمة لتعتمد كحقيقة ، هذا يعنى ان هذا سيكون مرجعية للدراسات اخرى تؤسس ايضا لافكار خاطئة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق