الخميس، 24 نوفمبر 2016

اللغة المعقدة و المنمقة هي موضة النيوعلمانيين

كنت اريد كتابة مقال مهم للنقاش حوله، عن النظام الديمقراطي في الغرب بالتزامن مع انتخاب ترامب رئيس امريكا ، و فشل توقعات و استطلاعات المراقبين و المراكز حول هذه الانتخابات ، و الصدمة لدى دول كثيرة لنتائجها الغير متوقعة .  حاولت كتابة ملاحظة مهمة كمقدمة قبل الدخول في صلب الموضوع ، فطالت الملاحظة فقررت جعلها كمقال لاهميتها .

هل اصبح من الضروري الان ان نكتب و نتكلم بعيدا عن اللغة المعقدة الاكاديمية المنمقة ؟

هذه اللغة التي فرضت سطوتها على الوعي و اثبتت فشلها في قراءة الواقع ، حولت الوعي الى كتلة صلبة قاسية جدا،  ترتكز على اسس من الاوهام لا علاقة لها بالواقع.

هذه اللغة التي سحبت الوعي السليم و البسيط الى مكان منخفض و محاصر و مستسلم لسلطة قوية مرتفعة عنه، و تفرض نفسها علية باسم لغة المثقف.

هذه اللغة التي  اصبحت تشبة لغة الدين بامكانياتها و تاثيرها، لانها اصبحت مقصد لصالح السياسة لقوة تاثيرها بما يخدم السياسة ، و مقصد كل من يعتقد انه يخدم الثقافة (الدين) و هو بالاساس ينشر عقم في المجتمع، و اصبح لها منابر (مثل منابر المساجد) من قنوات و صحف  و مثقفين (شيوخ الدين).

قوة تاثير لغة المثقف اصبحت مثل قوة تاثير لغة شيخ الدين .

كل ماعليك الا ان تقول كلام و ترفقة بنص ديني (قران او حديث) ليفرض قوة تاثيره و سطوته على المتلقي ، و نفس الحال ينطبق على لغة المثقف فكل ماعليك الا ان تقول كلام منمق و معقد و ترفقة بنص لكاتب او مفكر او لنظرية ليفرض قوة تاثيرة و سطوته على المتلقي. و مثلما يحضى رجل الدين بمكانة في المجتمع اصبح رجل الثقافة المعقدة يحضى بمكانة ايضا .

بالنسبة للخطاب الديني ، فلم يعد هناك مشكلة نقدية ، فقد مر باصلاح فكري و امتلات المكتبات بنقد الخطاب الديني لاصلاحه، و اصبح واضح اماكن المشكلات و الاخطاء فيه،  لكن هذا الخطاب المعقد لم يحضى بعد باصلاح و يندر الحديث عن نقد هذا الخطاب  .

استيعاب تاريخية النص الديني و السياق الثقافي و اللغوي و الظرف الزماني و المكاني و الظروف المحيطة تمثل اهم مشكلات العقل المتدين في فهم الدين و نصوصه ، كذلك هي نفس المشكلات لدى المتحدثين بهذه اللغة المعقدة . 

لمجرد ان تتحدث بتلك اللغة يصبح كلامك له معنى مفيد و منطقي و صحيح و يحمل صفة الحداثة و الثقافة . هذه اللغة منتشرة جدا في اوساط  النيوعلمانين و طلاب الجامعات و حملة الشهادات العلمية . بل اصبحت موضة الحديث الحالية .

لما لا نتكلم بلغة بسيطة يفهمها الانسان العادي؟

اللغة البسيطة المرتبطة بالواقع ، التي تملك اكثر احساس بالواقع و اكبر قدرة على وصف الواقع المحسوس حولنا جيدا، القادرة على رؤية الواقع بوضوح ، هذه اللغة التي تم استبعادها من واقعنا و حلت بدلها اللغة المعقدة التي تحاول ان تتصدر منبر الوعي لتصف اوهام غير مرتبطة بواقع و لكنها تصف عالم خيالي نابع من احساس و عاطفة المتكلم التي تحلم بالعيش في عالم بعيد عن الواقع المعاش . كيف يمكن ان نصف واقع و نفهمة بدون لغة تملك احساس بالواقع مرتبطة به جيدا ، الا ب الخروج  اولا من اللغة المعقدة و الذهاب الى اللغة البسيطة المنطقية .
الخروج من اللغة المعقدة التي نحفظها و نرددها و لا نشعر بها و نحاول التفكير بواسطتها و وصف واقع لا نجده امامنا،  لانها لغة معقدة و غير مفهومة جيدا،  تجعلنا نهرب الى دواخلنا و نستدعي عواطفنا معتقدين انها تتلائم و تتفق مع تلك اللغة ..فتصف عالم لا علاقة له بالواقع ..تصف فقط رغبات و امنيات داخلنا ...عالم غريب ... العقل فيه مسجون بين جدران من الاوهام ...يصعب عليه الخروج   .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق