الاثنين، 13 أبريل 2020

ابن خلدون - من خيال المستشرق الفرنسي كاترمير

لماذا لم يهتم المسلمين و العرب بفكر ابن خلدون ؟!

اتذكر باني قرات هذا السؤال اول مرة  في مقال لمفكر عربي في مجلة العربي الكويتية،  و اعتقد بانه جابر الانصاري ... و كانت المجلة تحوي ملف كامل عن ابن خلدون كاحتفال بهذا الشخصية .

الحقيقة ... دائما ما اجد هذا السؤال يطرح في مجلات ثقافية او في الانترنت او في الصحف او كعنوان ندوات او بحوث ....... لكني اصبحت اجدا هذا السؤال مستفز بالنسبة لي و للقارىء العادي، و السبب لانه سؤال يحاول اخفاء جانب هام حول هذه المادة التي وصلت لنا من هذه الشخصية .

لانه من المفروض ان يسبق هذا السؤال طرح اسئلة كثيرة، منها كيف وصلت لنا هذه المادة، و كيف نتأكد من وجود هذه الشخصية، لانه قد يكون شخصية وهمية مثل ( مثل حسابات الفيسبوك الوهمي ) التي تنتحل اسماء وهمية . لكن السبب الاهم هو لان هذا السؤال يطرح دائما من قبل مفكرين عرب .

قد تبدو الاسئلة مضحكة و سخيفة بنظر البعض، و انا حقيقة  لا اريد ان اقدم نتيجة و افرضها كواقع بدون اثبات، و لسنا هنا في باحة بطولات و ادعاءات و تنقيص من اي شخص .

لا ..... و لكن  لان قبل طرح هذا السؤال ،  يجب ان تطرح اسئلة منطقية من قبل هولاء المفكرين  .

فمثلا ....... ساسال المفكر جابر الانصاري و لا اعلم ان كان مازال حي او قد توفاه الله :

ماهو الدليل العلمي و المنطقي الذي يؤكد بان  تلك النصوص التي وصلت لنا من كتاب ابن خلدون قد كتبت في عام 1350 م اي قبل 650 سنة  ؟! ...... سؤال علمي و منطقي مشروع جدا ... من قبل قارىء عادي .

ليس هذا السؤال الوحيد ، بل هناك اسئلة منطقية اخرى :

لماذا كتب ابن خلدون كتابة الموسوعي هذا ؟!

هل كتب موسوعته هذا ، لانه كان يريد ان يتحصل على ارباح مادية من مبيعات كتابه هذا ؟! ، ام انه كتبها ليس لاجل غاية مادية، بل لاجل العلم و المعرفة و هذه الصفة موجودة لدى العلماء ....... ام انه كتبها بناء على طلب جهة حكومية ( حاكم دولة ) ؟!

اذا كانت لاجل المادة ..... فهل يعقل بان تلك الموسوعة ستكون بمتناول كل شخص مسلم او عربي ، حتى يطرح مفكرينا سؤالهم المعتاد : لماذا تجاهل العرب و المسلمين فكر ابن خلدون ؟!

لانه لو ابن خلدون كتب كتابة لاجل الربح المادي ........ اي انه كان ينتظر  ان يقوم ناس بنسخ موسوعته، ثم يتم توزيعها و بيعها في كل مكان في مصر او في كل المنطقة مثلا .

لكن كم سيحتاج النساخ من وقت لكتابة موسوعته؟!.
اول ناسخ سيحتاج الى وقت لنسخ المؤلف الاصلي ، و يحتاج الى وقت معلوم،  ثم ياتي ناسخ ثاني ينسخ من النسخة الاولى بينما الناسخ الاول ينسخ من المؤلف الاصلي  ، ثم ياتي ناسخ ثالث ينسخ من النسخة الثانية  و هكذا .

فكم يحتاج النساخ الى وقت ؟!
لنقل كل ناسخ يحتاج الى شهر حتى يستطيع نسخ مؤلف ابن خلدون .

ستصل مدة كتابة  20 نسخة الى سنة ...فلو كان عدد الناسخون هو   100 ... فانهم سيحتاجون الى 5 سنوات ، ليكون مجموع النسخ هو 5000  نسخة   .

5000 نسخة بعد 5 سنوات .

و ستباع ال 5 الف نسخة في مصر و المنطقة.

هل يبدو الموضوع منطقي ؟!

لو وزعنا 5000 نسخة في مصر و المنطقة ، سيكون لدينا 5000 شخص في المنطقة يملكون موسوعة ابن خلدون .

فهل 5000 شخص في كل المنطقة هو مقياس يصنع وعي عام في المنطقة يجعلنا نطرح مثل هذا السؤال : لماذا تجاهل العرب فكر ابن خلدون ؟!

لكن المثير و الغريب في الامر ... ان كتاب ابن خلدون لا توجد منه الا مخطوطة واحدة حسب ما يقال في فرنسا، و لا توجد اي صورة كاملة لهذه المخطوطة متوفرة في الانترنت .

فاين بقية المخطوطات ال 5 الف لموسوعة ابن خلدون،  التي قام النساخ بكتابتها و توزيعها في المنطقة عندما طرحنا هذا السؤال : لماذا تجاهل العرب و المسلمين ابن خلدون  ؟!

تخيل من بين 5 الف نسخة كتبت قبل فترة قريبة نسبيا و هي 600 سنة، لم يبقى منها في المنطقة الا نسخة واحدة و موجودة في فرنسا .... فالسؤال المنطقي اذن : لماذا يطرح دائما هذا السؤال و نحن لا نملك الا مخطوطة واحدة و موجودة في فرنسا؟!

اما لو كان ابن خلدون قد كتب موسوعته لاجل العلم فقط و ليس لاجل العائد المادي و هو يبدو الاقرب للمنطق ........ فاعتقد بان الموسوعه ستكون مجرد نسخة واحدة او لنقل عشر نسخ موجودة في مكتابات الدولة، خصوصا لان موضوع العائد المادي و الكسب من وراء تاليف الكتب قديما لم يكن مثل اليوم .. فالتاليف مرتبط بمجهود دولة و عائدها ياتي من الحاكم .

فالسؤال المنطقي : هل وجود نسخة او عشر نسخ من مؤلف ابن خلدون و متواجده في مكتبات الدولة او الحاكم و ليست في متناول المواطن العادي ........ سيجعل طرح مثل السؤال ( لماذا تجاهل العرب و المسلمين ) ، امر منطقي، ؟!

مع العلم بانه لم يصل الينا من مؤلف ابن خلدون الا مخطوطة واحدة، و لم نطلع عليها و ليست في متناول احد بل موجودة في فرنسا. و هذا يجعل طرح مثل هذا السؤال مستفز .

ملاحظة  :نسخة واحدة من كتاب ابن خلدون تجعل من المفروض حقوقيا  رفع المخطوطة للانترنت و يتم تصويرها في ملف بي دي اف ..و عليها ختم معتمد من وزراة الثقافة في فرنسا ...حتى تصبح النسخة المعتمدة للمخطوطة و تكون في متناول الجميع لتكون ضمانة حتى لا يتم طباعة نسخة من كتاب ابن خلدون و فيها اظافات جديدة، و حتى لا تستطيع اي جهة عملية التزوير .

نسخة واحدة من مخطوطة ابن خلدون  ...... تجعل من المنطقي الاعتقاد .... بان الاحتمال كبير في ان سكان المنطقة لم يكونوا يعرفون افكار ابن خلدون في ذلك الوقت ... بل احتمال كبير انه لم يكن هذا الشخص معروف في المنطقة  .

نعم الاحتمال كبير  ........ ان ابن خلدون لم يكن معروف قبل 650 سنة في المنطقة . و من هذا الاحتمال اصبح طرح سؤالنا مشروع علميا و منطقيا .

ماهو الدليل العلمي و المنطقي الذي يؤكد بان  تلك النصوص التي وصلت لنا من كتاب ابن خلدون قد كتبت في عام 1350 م اي قبل 650 سنة ؟!

لو طالعنا التاريخ الذي يتحدث عن اول ظهور لكتاب ابن خلدون سنجد ما يلي :

لم يكتشف ابن خلدون إلا في القرن التاسع عشر من قبل الغربيين وليس من قبل العرب .  و بمجرد ظهور اسم ابن خلدون اعتبر كثير من المؤرخين الغربيين أن ابن خلدون يعتبر " أكبر منظر لفلسفة التاريخ في كل الأزمنة ، وصاحب النظريات الشهيرة عن مجرى التاريخ البشري وحركته ، وأحد مؤسسي علم الاجتماع السياسي "

فكتابه (المقدمة) الجزء الأول من كتابه (العبر) يشكل أساسا لعلم جديد وهو “علم العمران” ويهتم بتطور المجتمعات البشرية واستخدمت نظريات ابن خلدون من طرف علماء الاجتماع والاقتصاد والمؤرخين والفلاسفة وخبراء التاريخ.

■  كانت أولى المحاولات للاستفادة من تراث ابن خلدون على يد المؤرخ التركى مصطفى نعيما سنة 1609 وهو من أشهر  مؤرخي الدولة العثمانية.

■  في 1818 قام المؤرخ والفيلسوف النمساوى هامر بورشتيفال بترجمة أعمال ابن خلدون إلى اللغة اليونانية وقد أعجب بابن خلدون إعجابا شديدا وكان يطلق عليه “مونتيسكو العرب”.

■ لكن أول نسخة من مقدمة ابن خلدون تتألف من 3 مجلدات بتحقيق المستشرق الفرنسي إلين مارك كارتمير، وقد نشرت هذه النسخة 1858 في باريس بفرنسا.

■ بعد اول نسخة ......... ترجمت المقدمة سريعا  إلى أكثر من عشرين لغة إضافة إلى نشر مئات الكتب و البحوث والمقالات حولها، وما تزال المراكز العلمية والبحثية تعتمد على هذه المقدمة في تطوير مناهج التعليم وعلم الاجتماع و التاريخ وغيرها من العلوم.

هذه القصة و هذا التاريخ يثير الريبة فعلا، و يزيد من منطقية سؤالنا حول ما هو الدليل ماهو الدليل العلمي الذي يؤكد بان  تلك النصوص التي وصلت لنا من كتاب ابن خلدون قد كتبت في عام 1350 م اي قبل 650 سنة ، و ما هو الدليل على انها شخصية حقيقية و عاشت في عام 1350؟!

هذه الشكوك تجعلنا نبحث و نفتش في التاريخ الذي وصلنا حول ذلك العصر، و نحاول ان نجد هذه الشخصية في مؤلفات كتاب ذلك العصر في مصر و المنطقة .

الحقيقة شخصية ابن خلدون ليست موضوعي اليوم،  فموضوعي متعلق بجانب اخر متعلق بالمسالة، وجدته اثناء البحث في هذه الشخصية .

ما هو الموضوع اذن ؟!

عندما قررت البحث  في البداية  ....... لم افكر ان ابحث عن ابن خلدون من خلال دراسة المخطوطة و الاثار المادية التي خلفها ، بل كانت البداية في البحث عن ابن خلدون في كتابات من عاصروا ابن خلدون في مصر و المنطقة او من جاءوا بعده.

لكن الحقيقة ..... واجهني اثناء البحث شعور غريب جدا لم اكن اعرف ما هو ....... كان الشعور الغريب قادم اثناء مطالعتي لكتب المقريزي، الذي عاش في نفس فترة ابن خلدون ، و من لا يعرف المقريزي فهو يعتبر عمدة المؤرخين في مصر في تلك الفترة .

لم ادرك اسباب ذلك الشعور الا اثناء توقفي و تاملي طويلا محاولا ادراك اسباب ذلك الشعور .

فاسلوب المقريزي في الكتابة و لغته و منهجة و طريقة تفكيره يشبه كثيرا ابن خلدون ...............حتى في نظرياتهم العلمية الانسانية و الاقتصادية  التي سبقوا بها علماء الغرب في القرن التاسع عشر  .

المقريزي نسخة طبق الاصل من ابن خلدون .

عجيب و غريب

ساعتها لم اكن  قد بحثت في امر المقريزي ........ لكن  عند تلك النقطة نسيت ابن خلدون  و توقف تركيزي حول امره، و واصلت مطالع كتب المقريزي و كتاباته و افكاره و نظرته العامة للامور  لمدة من الوقت . 

شيء غريب فعلا نفس العقلية ... ابن خلدون و المقريزي .

بحثت في مقالات و بحوث لعلي اجد من لاحظ ملاحظتي .

صحيح ان هذه الملاحظة لم يقلها اي باحث من قبل بشكل مباشر، لكن كثير من الباحثين قد قالوها لكن بشكل غير مباشر، و هم يتحدثون عن خصاص منهجي الرجلين و هي خصائص متطابقة .

هل يعقل ان ان الرجلين نتاج وعي مجتمعي كان مسيطر في تلك الفترة و هو من صنع هذا التشابه بين العقليتين ؟!

قد يكون جواب منطقي، لكن اسلوبهم في الكتابة متشابه ايضا ، لكن ايضا قد يكون نتيجة اسلوب كتابي كان مسيطر في تلك الفترة .

هل هناك تفسير اخر ؟!

وضعت فرضية اخرى مختلفة لتفسير  هذا التطابق ، و حاولت ان ان اشاهد ............ هل سيتحقق تنبا الفرضية بدقة ... فلو صحت فاعتقد بان الموضوع يقترب من النظرية  .

لقد وضعت فرضية ان محقق كتب المقريزي هو نفسه محقق كتاب ابن خلدون .

و عندما ذهبت للبحث عن المقريزي و اول نسخة من كتابة متى ظهرت .... وجدت  فعلا محقق كتب المقريزي هو نفسه محقق كتاب ابن خلدون .

انه المستشرق الفرنسي كاترمير .
------------------------

من هو كاترمير ؟!

كارتمير (1782م - 1857م) مستشرق فرنسي عني بالتاريخ الإسلامي، كما اهتم بنشر العديد من المخطوطات العربية. وكان يتقن اليونانية، كما أتقن معظم اللغات السامية.

ولد في باريس في 12 يوليو 1782 . وكان نبوغه قد ظهر مبكراً جداً، إذ كان يعرف القراءة وهو في سن الثالثة. ولما بلغ الخامسة كان قد اطلع على الكثير من المؤلفات. واستمر، بعد مصرع أبيه الفاجع هذا، في دراسته. فبعد أن أتم مرحلة الدراسة الثانوية، بدأ في دراسة العلوم، خصوصاً علم النبات، وعلم المعادن، والرياضيات. وفكر في الالتحاق بمدرسة الهندسة.

لكن ميوله الحقيقية ما لبثت أن تكشَّفت، فبدأ في دراسة اللغات الشرقية، وبدأ منها بالعبرية، ومنها انتقل إلى اللغة العربية، فتابع دروس سلفستر دي ساسي في الكوليج دي فرانس Collège de France.

وعين في قسم المخطوطات بالمكتبة الأهلية بباريس حيناً من الزمان، ثم ترك هذه الوظيفة ليصبح أستاذاً للغة والآداب اليونانية في كلية الآداب بجامعة روان Rouen (بشمالي فرنسا).

وعاد إلى باريس 1811، وبقي فيها حتى نهاية حياته.

في 1815  انتخب عضواً في أكاديمية «النقوش والآداب».

وفي 1819 عيّن أستاذاً في الكوليج دي فرانس، في كرسيّ اللغة العبرية والسريانية والكلدانية.

وفي 1832 خلف الأستاذ شيزي Chèzy في كرسي اللغة الفارسية بمدرسة اللغات الشرقية ـ الحيّة بباريس، إلى جانب كونه أستاذاً في الكوليج دي فرانس، التي ظل فيها حتى آخر عمره.

وتوفي في أكتوبر 1857 في باريس.

كانت باكورة إنتاجه في الدراسات الشرقية بحث بعنوان: «أبحاث نقدية وتاريخية عن اللغة والآداب في مصر»، نشره في 1808. وقد أثبت في هذه الأبحاث أن لغة مصر القديمة يجب أن يبحث عنها في اللغة القبطية. وكان هذا افتراضاً سبقه إليه جابلونسكي Jablonski لكن دون دليل، فجاء كاترمير وقدم البراهين القاطعة على صحّة هذا الفرض.

وكان بحث كاترمير هذا نقطة انطلاق للأبحاث التي ادت بعد سنوات قليلة ـ إلى حل مشكلة الكتابة الهيروغليفية. بيد أنه توقف عند هذه الخطوة الأولى، ولم يرَ أن من الممكن السير في هذا الطريق إلى أبعد من ذلك، حتى إنه لم يؤمن أبداً بما اكتشف شامبليون Champollion بعد ذلك من فك رموز الكتابة الهيروغليفية ـ استناداً إلى نقوش حجر رشيد ـ وما كتبه في ذلك الموضوع في ثلاثة كتب ظهرت بين 1821 و 1828.

ومنذ أن عيّن أستاذاً «للغة العبرية والسريانية والكلدانية» في الكوليج دي فرانس ـ وقد ظل يشغل هذا الكرسي قرابة أربعين عاماً ـ عني بالدراسات المتعلقة بالعهد القديم من الكتاب المقدس.


وفي ميدان اللغة الفينيقية، يرجع إلى كاترمير الفضل في اكتشاف الشكل الدقيق للاسم الموصول في اللغة الفينيقية. وقد تأيد اكتشافه هذا عند قراءة النقوش الطويلة التي اكتشفت بعد ذلك في مارسيليا (فرنسا)، وصَيْدا (لبنان).

وفي ميدان الدراسات الآرامية، كان كاترمير أول من أبرز أهمية كتاب «الفلاحة النبطية» وهو كتاب سرياني الأصل لم يبق منه إلاّ ترجمته العربية التي تمت في القرن الثالث الهجري. وقد بيّن كاترمير أن هذا الكتاب هو كتاب في الفلاحة ألّف في بلاد بابل في عهد نبوخذ نصر. وقد توالت الأبحاث بع ذلك حول هذا الكتاب، نظراً لشدة الخلاف بين الباحثين في تحديد زمن تأليفه.

أما في ميدان الدراسات العربية والإسلامية :

1 ـ فقد نشر القسم الثاني من كتاب «السلوك لمعرفة دول الملوك» للمقريزي (باريس، 1837 ـ 1845) في مجلدين، مع ترجمة إلى الفرنسية وتعليقاته لغوية، وتاريخية، وجغرافية، ومقدمة فيها ترجمة حياة المقريزي.

2 ـ وفكر في ترجمة «خطط» المقريزي إلى اللغة الفرنسية، وقام فعلاً بترجمة قسم كبير منها.

3 ـ ونشر الجزء الأول من تاريخ مغول فارس، تأليف رشيد الدين، مع ترجمة فرنسية وتعليقات وفيرة، 1836.

4 ـ كتب عدة مقالات عن: عبد الله بن الزبير، والأمويين، والعباسيين، والفاطميين، وكذلك عن كتاب «الأمثال» للميداني، وكتاب «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني وعن حياة المسعودي ومؤلفاته.

5 ـ وأهم من هذا كله نشرته المحققة النقدية لـ «مقدمة» ابن خلدون في ثلاثة مجلدات، في باريس 1858 .

------------------------

هل كتب لنا كاترمير مؤلفات تاريخية، و ابتكر لنا شخصيتين افتراضيتن ( او حسابين وهميين في الفيسبوك ) و نسب لها هذه المؤلفات لصناعة ذاكرة تاريخية لنا جديدة ؟!

الحقيقة لا يمكن الجزم في هذه النقطة .

لكني اعتقد .........بان البنية الفكرية الموجودة في الغرب  لا يستبعد منهم اي شيء ....... المكر و الحيلة و الكذب و التزوير و الوساخة ملازمة لتاريخهم و هم يحتلون العالم ............ فلديهم مشروع يقوم على طمس معرفي للاخر بشتى الوسائل و الطرق، و يحاولون ان يجعلوا من معارفهم و نصوصهم هي المعرفة الانسانية الوحيدة .

بالنسبة لي ...........اجد الشخصيتين من خيال هذا المستشرق الذي كان في مهمة رسمية لصالح حكومة فرنسا بكتابة تاريخ و ذاكرة جديدة للعرب و المسلمين تخدم مشروعهم في المنطقة

و ان شاء الله سيكون لنا مقارنة شاملة بين المقريزي و ابن خلدون من كافة الجوانب ، حتى نلاحظ حجم التطابق الكبير في عقلية الاثنين و اسلوب كتابتهما .

لكن دعوني ...... في هذا المقال اعطيكم نموذج واحد بسيط  حول نظرة كل من المقريزي و ابن خلدون تجاه قضية علمية و تاريخية ،  عفوا ليس المقريزي و ليس ابن خلدون ، بل نظرة كاترمير نفسه حول هذه القضية العلمية .

القضية هي  الخط الكتابي

لكن قبل استعراض الاراء ، يجب ان نتذكر ملاحظات هامة جدا متعلقة بكاترمير ذكرناها في حديثنا حول هذا الشخص، و هذه الملاحظات هي :

1- عاصر كاترمير الحملة الفرنسية على مصر التي كانت سبب في فك نقوش مصر القديمة .

2- كتب بحث عن لغة مصر و نشره في 1808. قد أثبت في هذه الأبحاث أن لغة مصر القديمة يجب أن يبحث عنها في اللغة القبطية. وقدم البراهين القاطعة على صحّة هذا الفرض.

3-  اهتم كاترمير بتاريخ مصر فى العصور الوسطى و بعصر الدوله المملوكيه فى مصر و باللغه المصريه الخاصه بالمصريين فى مصر فى العصر المملوكى .

4- اهتم بمؤلفات ابن وحشيه و الذي يعتبر اول من كتب مؤلف عن الاقلام و الخط .

5- كان يجيد و يتقن العديد من اللغات الشرقية القديمة .

الان ماذا يقول المقريزي و ابن خلدون حول الكتابة ؟!.

■ يقول تقي الدين المقريزي: «القلم المسند هو القلم الأول من أقلام حمير وملوك عاد».

يقول ابن خلدون في مقدمته في فصل أن الخط والكتابة من عداد الصنائع الإنسانية:

لقد كان الخط العربي بالغًا ما بلغه من الأحكام والاتقان والجودة في دولة التبابعة، لما بلغت من الحضارة والترفه، وهو المسمى بالخط الحميري، وانتقل منها إلى الحيرة، لما كان بها من دولة آل المنذر نسباء التبابعة في العصبية والمجددين لملك العرب بأرض العراق، ولم يكن الخط عندهم من الإجادة كما كان عند التتابعة، لقصور ما بين الدولتين، وكانت الحضارة وتوابعها من الصنائع وغيرها قاصرة عن ذلك. ومن الحيرة لقنه أهل الطائفوقريش فيما ذكر، يقال أن الذي تعلم الكتابة من الحيرة هو سفيان بن أمية، ويقال حرب بن أمية، وأخذها من أسلم بن سدرة وهو قول ممكن. وأقرب ممن ذهب إل أنهم تعلموها من إياد أهل العراق قول شاعرهم: قوم لهم ساحة العراق إذا…ساروا جميعا والخط والقلم. وهو قول بعيد لأن إيادًا وإن نزلوا ساحة العراق فلم يزالوا عل شأنهم من البداوة، والخط من الصنائع الحضرية. فالقول أن بأن أهل الحجاز إنما لقنوها من الحيرة، ولقنها أهل الحيرة من التبابعة وحمير هو الأليق من الأقوال.

وكان لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة، وكانوا يمنعون من تعلمها إلا باذنهم، ومن حمير تعلمت مصر الكتابة العربية، إلا أنهم لم يكونوا مجيدين لها شأن الصنائع إذا وقعت بالبدو، فلا تكون محكمة المذهب ولا مائلة إلى الإتقان. كانت كتابة العرب بدوية مثل أو قريبًا من كتابتهم لهذا العهد، أو نقول إن كتابتهم لهذا العهد أحسن صناعة، لأن هؤلاء أقرب إلى الحضارة ومخالطة الأمصار والدول، وأما مضر فكانوا أعرق في البدو وأبعد عن الحضر من أهل اليمن وأهل العراق وأهل الشام ومصر، فكان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والاتقان والاجادة، ولا إلى التوسط لمكان العرب من البداوة والتوحش وبعدهم عن الصنائع " .

انتهى .

لاحظ اهتمام الرجلين بموضوع واحد و عاشا في عصر واحد و في مصر ، لكن الاول يتحدث بشكل مختصر و الاخر بشكل مطول لكن الاثنان يتحدثان باسلوب إنشائي غبي في موضوع علمي،  و هما صاحبا النظريات العلمية التي سبقت علماء الغرب .

لكن السؤال الهام

كيف عرف المقريزي خط المسند ؟! و كيف عرف ابن خلدون بانه كان لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة ؟!

هل سافر المقريزي او ابن خلدون الى اليمن و شاهده، ام انه اطلع عليه من كتب وصلت له، و كيف عرف ان المسند هو اول القلم ؟!

لكن نقوش اليمن و كتابات الموجودة في اليمن لا تقارن ابدا بحجم النقوش و الكتابات الموجودة في مصر ....... صحيح ان نقوش اليمن كثيرة ، لكن الموجودة في مصر اكثر جدا و بارزة و واضحة جدا، و غير مدفونة في الارض، بل بارزة جدا داخل معابد كبيرة جدا و من المستحيل ان تكون مطمورة ....... بل في اماكن تدل على وجود عناية و اهتمام بها متواصل جدا ... و من المستحيل الاعتقاد بان تلك المعابد الضخمة كانت مكبوسة تحت الرمال في عصر ابن خلدون و المقريزي، بل ان اي انسان عادي في مصر لو حفر بيده مكان سيجد اثار قديمة .

فكيف يتحدث الاثنان عن الكتابة في اليمن و عن خط المسند الموجود في مكان بعيد جدا عنهما ، و يتجاهل الاثنان تماما و بشكل واضح الكتابة الموجودة في مصر، و هما يعيشان في مصر قرابة 30 سنة ؟!

يعني طوال حياة المقريزي و ابن خلدون لم يلاحظا اي نقوش قديمة في مصر ؟! ، هل يعقل بان الرجلين لم يصادفا ابدا طوال حياتهما اي اكتشاف اثري،و لم يشاهدا معابد مصر او لم يزورا واحد من تلك المعابد المرتفعة جدا جدا عن سطح الارض التي من المستحيل ان تكون مدفونة تحت الارض ؟!

هل يعقل ان المقريزي قد تحدث عن خط المسندالبعيد عنه و قد شاهده و يتحدث بانه اول قلم ، لكنه في نفس الوقت موجود في مصر و لم يتحدث عن الخط الموجود في مصر و لم يشاهد التطابق بين خط المسند و الخط في مصر و بكون الخط في مصر هو  اول قلم ؟!

هل يعقل بان ابن خلدون يتحدث عن خط المسند كخط عربي لكنه يسميه الخط الحميري و المسند و قد شاهده و عرف بان حروفه منفصلة و هو لم يزر اليمن ، لكنه في نفس الوقت يعيش  في مصر مدة 25 سنة،  و  لم يشاهد ابدا الخط الموجود في مصر و لم يشاهد حروفه المنفصلة ايضا .... و لم يشاهد التطابق بين قلم المسند و القلم في مصر و الاصول الواضحة بين الاثنين ،  حتى يجعله  يسرد لنا قصة فانتازية ساحرة في عوالم وهمية و  تتحدث عن رحلة القلم الاولى ؟!

كيف يتحدث ابن خلدون عن خط المسند بذلك التفصيل الذي يدل على انه خارج من شخص مطلع و ملم بهذه المسالة جيدا، فهو يقول بانه خط المسند حروفه منفصلة  و يقدم لنا معلومة كحقيقة تقول ( ومن حمير تعلمت مصر الكتابة العربية )  و هو لم يزر اليمن اطلاقا، لكنه عاش في مصر حوالي 25 سنة و لا يتحدث عن نقوش مصر ابدا،  و لا يشاهد الواقع الموجود من حوله في مصر ، و لم يقارن ابن خلدون بين خط المسند الذي تحدث عنه و بين الخط الموجود في مصر ..... حتى يدرك ابن خلدون وفق منهجه العقلي و العلمي و الواقعي ... هذا المنهج الذي دائما ما يتحدث عنه مفكري الغرب و العرب في مقالات مطولة صنعت له هالة كبيرة و سلطة معرفية على عقل مفكرينا العرب .. حتى يدرك ابن خلدون بان المسند و الخط في مصر متطابقين، و بان خط المسند ولد من رحم الخط في مصر، و بان خط المسند جاء من مصر، و بان حمير هي من تعلمت  الكتابة العربية من مصر ..... و ليس  العكس حسب كلام ابن خلدون صاحب المنهج العلمي و الواقعي و العقلي ... حتى يدرك بان الكتاب الاول موجود في مصر و كل الاقلام في المنطقة خرجت من القلم الموجود في مصر  .

عجيب و غريب و غير واقعي و غير منطقي

هل كان المقريزي و ابن خلدون .. يعملان لصالح الغرب و نابليون و الحملة العسكرية الفرنسية على مصر و المنطقة  و التي فكت نقوش مصر و المنطقة. هل كان المقريزي و ابن خلدون لا يريدان من اي مصري او عربي او مسلم الاقتراب من نقوش مصر ابدا، و لايريدان الحديث عن القلم في مصر و تنبيه القارىء لوجوده في العالم القديم .... و لا يريدان ان يقدما اي معرفة نحو ذلك القلم و ماذا تحوي نقوش مصر و حقيقة حجر رشيد الذي جاءت به فرنسا ، و يريدان ان يتركوا مهمة الحديث عن الخط في مصر لشخصيات اخرى من جنسيات يونانية تعمل لصالح الحملة الفرنسية ؟!

 

هذا الاسلوب الغريب الغير طبيعي و الغير واقعي  الذي لا يريد ان يتحدث عن نقوش مصر، يؤكد باننا فعلا امام عقل يكتب لنا عالم افتراضي وهمي و هو يقوم برسم صورة هذا العالم تكون فيها نقوش مصر مختفية تماما من الواقع المتصل بنا اليوم ......  و هذا العقل ليس الا عقل مستعمر اوروبي خبيث و ماكر جدا ....... و هو يحاول القيام بعملية طمس معرفي، و كتابة ذاكرة جديدة لسكان مصر و سكان المنطقة .

لقد تم هذا بعد ان نجح الغرب من صناعة زمن جديد للمنطقة عبر العثمانين  ......... و هو الان يقوم بكتابة تاريخ لهذا التقويم الجديد ....... حتى يصبح ذاكرة الناس الجديدة بدل ذاكراتهم الاصلية .....مشروع اخراج الناس من الواقع و ادخالهم الى فضاء فنتازي وهمي افتراضي ....لنزعهم من الارتباط بالارض و جعلها غير متصلة بواقعهم ، و جعل الارض لا تنتمي لهم .

فعلا انه كاترمير ... و كان يعمل ضمن المشروع الذي قدم به الغرب و نابليون  .. الذي قدم بجيوش لاحتلال مصر و المنطقة ... و قد أنشأ كاترمير حسابين وهمين في الفيسبوك، الاول باسم المقريزي و الثاني باسم ابن خلدون ...... على اساس انهما حسابين عربين و مسلمين عاشا قديما في مصر ... بينما هو حساب لواحد من ذرية ابليس ......... و قام بنشر معلومات تاريخية حول عالم وهمي في الحساببن، حتى يكون هي اصل و حقيقة العالم الذي خرج منه المسلم و العربي ، حتى تكون هي الذاكرة الجديدة، التي تمسح الذاكرة الاصلية ، حتى  تمنع اي مسلم و عربي من الوصول للقلم الاول الذي كتب به نصهم المقدس الذي يحملوه  .

{وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال }

.
.



هناك تعليقان (2):

  1. أشكرك على ما قدّمت سيدي ، وانه أمر يستحق المتابعة، انا في انتظار المزيد.

    ردحذف