الأحد، 19 أغسطس 2018

صناعة الشعوب عبر تزوير التاريخ - نظرية آلهة البيرة

سانقل لكم ملخص نصي ل مقطع فيديو شاهدته في اليوتيوب بعنوان ( نظرية الصدمة ) .

----------------------

في خمسينيات القرن العشرين ، فكر طبيب نفسي كندي يدعى دونالد كاميرون بفكرة شيطانية ، حيث حاول البحث عن طريقة يستطيع من خلالها تغيير الانسان بشكل كامل ، اي ان يصنع من انسان ما .. انسان جديد مختلف تماما ... بافكاره و عواطفة و قناعاته .

كان الطبيب الكندي يرى ان افكارنا و مشاعرنا و اخلاقنا تاتي من مصدرين اثنين :

1- ذكريات الماضي

2- ادراكنا للحاضر .

و لكي يصنع كامرون الانسان الجديد الذي يريد، لابد اولا من ان يلغي الانسان القديم ... اي لابد ان يرجع الصفحة بيضاء قبل ان يكتب عليها ما يريد.

و حتى يفعل ذلك عليه ان يعرضه لصدمة كبيرة ، تلغي الماضي و تلغي الاحساس ايضا بالحاضر .

قام الطبيب الكندي بتجاربة على مرضاه النفسيين ، حيث كان يعرضهم لصدمات كهربائية شديدة و يعطيهم عقاقير مهلوسة، حتى يفقد المرضى ذاكرتهم . ثم كان يعطل جميع حواسهم، بان يضعهم في اماكن يسودها ظلام دامس و صمت مطبق ، حتى يفقدهم احساسهم بالواقع .

هل تعلم من مول ابحاث هذا الطبيب ؟

وكالة الاستخبارات الامريكية ، و قد طورت ابحاثة فيما بعد و طبقتها في معتقلاتها .

الفكرة الاساسية في نظرية الصدمة ، هي انك اذا اردت ان تجعل الطرف الاخر ملك لك و لافكارك ......... عليك ان تعرضة لصدمة شديدة لتجعله مستسلم لك و لكل ما تلقنه له .

----------------------

براي الشخصي ....... بان هذه الفكرة التي قام بها الطبيب الكندي ...... ليست بالفكرة الجديدة التي اعتقدها صاحب الفيديو او يعتقدها البعض، فالقوة السياسية المحتلة  منذ القدم و هي  تفكر بنفس الطريقة التي فكر بها الطبيب الكندي، و هي ليست بالفكرة الخارقة الجديدة التي يصعب على الانسان قديما الوصول لها .

لان هذه الفكرة و التجربة التي قام بها الطبيب الكندي .. تم استخدامها في منطقتنا ...... فقد استخدمها العثمانين في فترة احتلال منطقتنا .. و استخدمتها اوروبا و مازالت تستخدمها في فترة  استعمارها للعالم .... و طبقوها حرفيا و مازالت تطبقها ...... لكنهم لم يطبقوها على الافراد بل طبقتها على الشعوب الأمية ... بتحويلها الى شعوب جديدة، اي صناعة شعوب جديدة و تنقاد لها بسهولة و يسر.

كيف ؟

دعونا نحاول اسقاط فكرة الطبيب الكندي لكونها نموذج بسيط و حديث ...... لنستطيع من خلالها تبسيط فكرة و تجربة اوروبا التي طبقتها قديما في منطقتنا حتى يمكن فهمها، و لنستطيع ان نفهم تجربة الغرب ايضا و الذي مازال يطبقها  علينا .

الانسان ليس الا نموذج مصغر للشعوب و الامم، و ما ينطبق على الانسان ينطبق ايضا على الشعوب و الامم .......... حيث يمكن دراسة الشعوب بنفس المبادىء و القوانين التي يتم فيها دراسة الفرد .

فمثلا عندما يتم دراسة اي شعب، فنحن ندرس هذا الشعب و نتعامل معه كانه كيان واحد مثل الفرد ، يملك وعي و ذاكرة و نفسيه و سلوك و معتقدات و افكار و عواطف.

فكما ان الانسان الفرد يملك وعي فالشعب ايضا لديه وعي جمعي واحد ... و كما ان الانسان له ذاكرة شخصية ....... فالشعب لديه ايضا ذاكرة جمعية واحدة و نفسية جمعية واحدة و سلوك جمعي واحد الخ .

لذلك يمكن القول بان الشعوب و الامم مثل الانسان الفرد تماما ، تاتي افكارها و مشاعرها و اخلاقها و وعيها من مصدرين :

1- ذاكرة الماضي الجمعية

2- و الادراك الجمعي للحاضر .

و لكي تصنع شعب جديد من شعب .... لابد اولا من ان الغاء الشعب القديم داخل هذا الشعب. كيف ؟

بطمس ذاكرته الجمعية القديمة ، أي .... لابد ان ترجع ذاكرته الجمعية الى صفحة بيضاء ، قبل ان تكتب عليها ما تريد .... لابد من الغاء ماضي الشعب تماما .

اين توجد ذاكرة الشعوب ؟

ذاكرة الشعوب و الامم هي النصوص الكتابية التي كتبها اي شعب عبر الزمن . هي السجلات الكتابية القديمة ..... هي وثائق هذا الشعب عبر الزمن ، و اسميها الارشيف القديم ...... و نقوش المنطقة القديمة مثال حي لذلك الارشيف .

و عندما يتم اخفاء ذلك الارشيف القديم بشكل نهائي ...... فانت بشكل تام تطمس ذاكرة الشعب الجمعية و تحولها الى صفحة بيضاء ... و عندها تستطيع ان تكتب على تلك الصفحة البيضاء ما تريده .. و بالطريقة التي تخدمك .. و بالطريقة التي تجعل هذا شعب مستسلم لك و منقاد لك .

كيف يتم اخفاء تلك السجلات القديمة ؟

هناك طرق عديدة و كثيرة .... لكننا سنأخذ منها اثنتين

● الطريقة الاولى و هي سهلة، خصوصا في حالة الشعوب الامية.

فعندما تذهب الى شعب .. و تقول له بانك تستطيع استخراج محتويات الارشيف القديم لهذا الشعب .. و تستطيع ان تترجم هذا الارشيف ......... ثم تخدع  هذا الشعب بقصص خارقة عن عبقريتك و جهدك الذي تكلل بنجاحك في ترجمة تلك النقوش بشكل صحيح .. ثم يصدقك هذا الشعب .. عندها يصبح بين يديك شعب تحت تصرفك بشكل تام .

لانه في هذه الحالة ....... تكون قد مسحت ذاكرة الشعب الجمعية و حولت ماضي الشعب الى صفحة بيضاء بين يديك ...... عندها تستطيع بسهولة ان تكتب ما تريده في ذلك الارشيف ......و بالطريقة التي تصنع ذاكرة جمعية جديدة تناسبك و تخدمك ، لانك ستكتب في الصفحة البيضاء ما يناسبك من افكار و تاريخ و قصص و اخبار و امثال و مرويات و معتقدات الخ ........ بالطريقة التي تجعل الشعب مستسلم لك و منقاد لك .

انت الان تصنع شعب جديد يناسبك

امثلة :

1- لو كتبت في الصفحة البيضاء ان ماضي ذلك الشعب كان يبجل شعب اخر ، فانت ستجعل هذا الشعب اليوم يبجل ذلك الشعب ... و لو كتبت في الصفحة البيضاء ان ماضي ذلك الشعب تعرض دائما لهزائم حربية ، فانت ستجعل هذل الشعب اليوم مصاب بعقدة الهزيمة .

2- و لو كتبت في الصفحة البيضاء ان هذا الشعب كان لديه عقيدة دينية مختلفة عن عقيدة اليوم، و كتبت حول هذه العقيدة مجلدات ضخمة  عن عقيدة اليوم،  فانت اليوم ستجعل الشعب ينفر دائما من عقيدة اليوم ....... و يميل الى تلك العقيدة التي صممتها بنفسك .

3 - و لو كتبت في الصفحة البيضاء ان ذلك الشعب كان في الماضي يعبد الهات كثيرة و باسماء كثيرة، فانت اليوم ستجعل الشعب ينفر من الالهة الذي يعبده اليوم  .

4 - و لو كتبت في الصفحة البيضاء ان هذا الشعب في الماضي تاريخ كبير يقول بان هذا الشعب لم يعش ازهر مراحل تاريخه الى على يد حكام اجانب غزاة، فانت اليوم ستجعل هذا الشعب يحب الغازي و يؤمن بانه لن يتطور الا على يد حكام اجانب غزاة .

5 - و لو كتبت في الصفحة البيضاء ان هذا الشعب في الماضي تاريخ يقول بان هذا الشعب لم يحكم الا من قبل حكام اجانب من بلادك، فانت اليوم ستجعل هذا الشعب عنده تبعية لبلادك .

6 - و لو كتبت في الصفحة البيضاء ان اجداد هذا الشعب كان يتخاطبون بلغة مختلفة عن هذا الشعب حاليا، و صنعت لتلك اللغة قاموس مفردات و وضعت لها قواعد .... فانت اليوم ستجعل هذا الشعب ينفر من لغة اليوم و يحاول ان يتقن لغة اجداده التي قمت انت باخترعها.

7 - و لو كتبت في الصفحة البيضاء ان هذا الشعب كان في الماضي يعيش في عالم مثالي و في مدينة فاضلة و يملك قوانين راقية لم يصل اليها اي شعب في الارض .... فانت اليوم ستجعل هذا الشعب يرفض دائما واقعه ، و يحارب نفسه بنفسه و يسعى لتدمير واقعه و استبداله بتلك المدينة الفاضلة التي كان يعيشها فيها اجداده في الماضي.


بالمختصر .... لو اردت ان تجعل اي شعب يقتنع باي فكرة في راسك ... او اردت ان تجعل هذا الشعب يقوم بتنفيذ عمل ما ، فكل ما عليك القيام به هو .... ان تكتب في ذاكرة هذا الشعب و في الصفحة البيضاء . بان هذا الشعب كان في الماضي يعتقد بنفس فكرتك التي تريد ان يقتنعوا بها..... او كان اجداده يقومون بنفس ذلك العمل الذي تريد تمريره.

امثلة تقريبية :

1- نشرت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي متخصصة بتاريخ العراق موضوع طويل عن البيرة،  و تسرد فيه معلومات من كتاب لباحث امريكي  متخصص بالتاريخ العراقي .... و يقول فيه ان السومريون كانوا يعبدون الهة تسمى ( نينكاسي ) و هي الهة البيرة (الجعة)، و لهذا فان السومريون عرفوا سبعين طريقة لصناعة البيرة ، و كان السومريون  يشربون البيرة عبر القصب او بدون قصب ........ حتى ان السومريون كان لديهم مثل مشهور يقول : "من لم يتذوق البيرة فلم يطعم الحياة " .......... و هذا الامر جعل شركة امريكية لصناعة البيرة تأخذ من السومرين ثلاث طرق في تحضير منتجاتهم من البيرة .

تخيل معي ....... كيف ان باحث عراقي يصدق هذا التاريخ الكاذب و هذه الدعاية الاعلامية و التسويق الاعلامي لمنتج تجاري امريكي و يعتبرها من تاريخه الحقيقي و ماضيه الاصيل ............ و لو شاهدت تعليقات العراقين على هذا الموضوع ستضحك جدا من افتخارهم بهذا التاريخ ... و البعض اصبح يبحث عن اسم هذه البيرة الامريكية ليتذوق نكهة البيرة التي كان يصنعها اجداده .

استخفاف بالعقول لدرجة لا تصدق !

2-  و حتى تتاكدوا اكثر .. ستشاهدون قريبا مقال تاريخي لباحث غربي يقول فيه .. ان ظاهرة الشواذ كانت منتشرة في الحضارة السومرية و الحضارة المصرية القديمة ... و كانوا يحترمون الشواذ جدا.

● الطريقة الثانية ........ ايضا يمكن صناعة صفحة بيضاء لاي شعب من خلال ارشيفك .. عن طريق كتابة سردية تاريخية كاذبة وهمية و الادعاء انك كتبتها في زمن قديم جدا ..... اي في زمن عاصر ماضي ذلك الشعب و عاصر اجداد ذلك الشعب، و في تلك السردية التاريخية ... احاديث كاذبة عن ذلك الشعب من كافة الجوانب ... عندها يصبح ذلك الشعب و كانه يملك ارشيف جديد، اي ذاكرة جديدة من داخل سجلاتك غير ذاكرته الحقيقية .

امثلة :

عندما تكتب رواية وهمية و بانها من ضمن ارشيفك ، و تتحدث بان في ساعة دخولك لارض شعب اخر ، كان هذا الشعب يقدمون اضاحي بشرية و ياكلون قلوب الاضاحي .... و يصدقك هذا الشعب ... فانت ستجعل هذا الشعب يجدك دائما مثال للكمال الاخلاقي و  الانساني .

امثلة تقريبية :

طالعنا فلم امريكي ضخم و مستوحى من كتابات تاريخية غربية تتحدث عن تاريخ امريكا الجنوبية ، و صور مشهد قدوم الاوروبي لامريكا كخلاص الهي ، بالتزامن مع مشهد لشعوب امريكا المتوحشة و هي تقدم قرابين بشرية ......... و لذلك لا تستغرب لو شاهدت تعليق لسكان امريكا الاصلين و هم يشكرون الله بقدوم الاسبان او الاوروبين الذين خلصوهم من هذا التوحش الذي عاشوا فيه .

----------------------

الان .......... سنحاول تطبيق نفس تجربة الطبيب الكندي على الشعوب .

■ فكما قام الطبيب الكندي بعمل تجارب على مرضاة النفسين ، باعطاءهم عقارات مهلوسة و ادخالهم في غرف مظلمة، فيمكن القيام بنفس التجارب على الشعوب ايضا.

فعندما تقوم باعطاء اي شعب تاريخ مليء باساطير و قصص غير منطقية و اكاذيب ..........لايقبلها العقل السليم الطبيعي ( مثل اساطير اليونان الطفولية الخرافية الوهمية ) ، و تقول له بان اجداده كانوا يعيشون داخل هذا العالم .... فانت عندها و كانك تجرع الشعب عقاقير مهلوسة تماما ... و كلما زادت الجرعات بشكل مكثف و متواصل ....... كلما اصبح الوعي الجمعي للشعب متعب من كثرة الهلاوس، و لا يستطيع معرفة ذاكرته الطبيعية و الحقيقية الواقعية  ............. بسبب حجم الجرعات الكبيرة من عقارات الهلوسة .

■ و كما قام الطبيب ايضا بتعطيل حواس المرضى بوضعهم داخل غرف مظلمة لتعطيل حواسهم، فانه يمكن القيام بنفس التجربة لاي شعب .

فعندما تصنع تقويم تاريخي  و تصنع فيه فجوة زمنية طويلة داخل تاريخ شعب ..... و غير مدون فيها اي شيء من التاريخ ..... فانت عندها و كانك تدخل الشعب الى داخل غرفة مظلمة جدا و يسودها الصمت الشديد ، حتى تعطل حواس الادراك الجمعي للشعب و احساسة بالزمن .

لانه ...... عندما تصل مخيلة الشعب الزمنية الى تلك الفجوة الزمنية .... فان مخيلة الشعب تدخل تماما داخل غرفة مظلمة جدا .... فيحدث تعطيل لحواس الادراك الجمعي بالواقع ... و بعد ان تتعطل حواس الادراك الجمعي للشعب و الاحساس بالواقع الطبيعي ... ثم تقوم باخراج هذا الشعب من تلك الفجوة الزمنية المظلمة .............. و تدخله الى تاريخ فيه عالم فانتازي سحري خرافي، اي  تاريخ وهمي ....... اي تجرعة عقارات هلوسة ...  عندها سيتقبل الشعب وجود ذلك العالم بشكل طبيعي و منطقي .لان الادراك الجمعي بالواقع الطبيعي قد اصبح معطل تماما ... و اصبح عنده استعداد لقبول هذا العالم الخرافي كانه كان عالم موجود عاشوا عليه . 

و هذا ماحدث لنا تماما ... لقد طبقت تلك التجربة علينا حرفيا .

فقد قام العثمانين في فترة وجودهم في المنطقة ، بصناعة تلك الغرفة المظلمة و ادخلوا المنطقة فيها ، عندما منعوا الطابعة على المنطقة .... و  صنعوا فجوة زمنية مظلمة طوال فترة المنع  .. ثم ادخلوا الطابعة و كتبوا بها تاريخ جديد بعد ان تلاعبوا بالارشيف القديم ، و جرعوا المنطقة ذاكرة جديدة ... و تاريخ مليء  بقصص اسطورية خرافية وهمية .......... فانتجت شعوب جديدة بمخيلات جديدة .

و هذا ما يحدث لنا اليوم تماما من قبل الغرب، فبعد ان انتهت مهمة العثمانين في المنطقة ........ يقوم الغرب ...... بمواصلة تطبيق التجربة .. فقد دخل الينا الغرب قبل 200 سنة محتلا، و هو مشغول و مهتم جدا بترجمة نقوش المنطقة ( ارشيفنا القديم).

الغرب الان ... يقوم بمواصلة مسح الذاكرة القديمة و كتابة ذاكرة جديدة ..... الان يقوم بكتابة ذاكرة جديدة على صفحة بيضاء،  و يكتب ما يريده من عالم خرافي سحري ( يجرع شعوب المنطقة حبوب هلوسة ).. لتفارق هذه الشعوب الواقع من حولها، و يكتب تاريخ بالطريقة التي تناسب توجهه السياسي الاستراتيجي بحيث يضمن سيطرته على الشعوب .

هذه التجربة عبر عنها بشكل مختصر .... مؤرخ تشيكي عندما قال :

" لتصفية الشعوب، نبدا بمسح ذاكرتهم، ثم نتلف كتبهم التي تحوي ثقافتهم و تاريخهم، ثم ياتي شخص اخر ليكتب لهم كتب اخرى، و يعطيهم ثقافة اخرى، و يبتكر لهم تاريخ اخر ، ثم بعدها يبدا الشعب بالنسيان تدريجيا ، من هو!، و كيف كان!، و العالم الذي حوله سينساه ايضا بسرعة."

و هذا يبدو واضحا جدا في نظرة الغرب اليوم الينا . فهذا باحث فرنسي و في مقابلة معه عندما طرح عليه سؤال : مالفرق بين اليونان و الشرق ؟ ، كان جوابه: " ان الشرق كان يعيش في مرحلة الوعي الاسطوري الخرافي، بينما اليونان كان يعيش في عالم يمجد العقل "

هذا الباحث و غيره من الغربين و الكثير من مؤرخي المنطقة ، لم يستوعبوا بعد حقيقة ..... ان ذلك العالم الاسطوري الخرافي لم نكتبه نحن بل كتبه الغرب و قدمه لنا على انه تاريخنا الحقيقي .

لذلك

فما يجري الان في المنطقة ............. هو بسبب الوعي الجمعي المسيطر في المنطقة، و الذي هو نتيجة لتلك التجربة و هذا التاريخ الذي كتبه العثمانين و الغرب عنا .

◆ فذاكرة شعوب المنطقة قد طمست و استبدلت بعقاقير هلوسة ( تاريخ اسطوري خرافي) لا يمت للواقع اليوم باي صله ، عالم سحري يجعل الشعوب تعاني من اضطراب و هلوسات نتيجة عدم وجود اي صلة بين الذاكرة التاريخية و الواقع ، عالم فانتازي سحري و واقع طبيعي اعتيادي .

◆ شعوب ...... اصبح الغرب يستطيع اللعب بها عبر التاريخ ، عبر كتابة ذاكرة جديدة تناسب اي حدث سياسي او مشروع يراد تمريره، فكلما جاء حدث ، اخرج الغرب تفسير جديد للنقوش و نشرها في دوريات علمية و مقالات و كتب، لانها القادرة على توجيه الشعوب عبر الذاكرة القديمة . لقد تم طمس ذاكرتها الاصلية ، و يتم استبدالها بذاكرة جديدة و يقوم الغرب كل يوم بكتابتها لما يخدم توجهه السياسي .

◆ شعوب تعاني من تناقض و انفصام، بسبب كونها بين ماضي سحري فانتازي و بين واقع مختلف، شعوب تعاني من صعوبة في تخيل ماضيها كواقعها. فينتج عنها ردات عنيفة تجاه الواقع تحاول ان ترفضه و تبحث عن ماضي سحري فانتازي ( هلاوس ) .. بعد ان ادمنت من عقارات الهلوسة .

◆ و نحن اليوم ....... اصبحنا نشاهد جماعات في المنطقة تملك ذاكرة جديدة من صناعة الغرب و تسير وفق ما تريده مخططات الغرب ، فهي تعتقد بعد جرعات الهلاوس الكبيرة  .... بان ماضيها كان خرافي و تحاول ان تعود له و تستعيده  ..... شعوب تنكر الواقع اليوم ..... الذي تعتقد بانه السبب في حرمانها من ذلك الماضي الفانتازي الخيالي السحري و الغير موجود اصلا ( هلاوس ).

السؤال :  كيف يمكن تركيب صورة لواحد يقرا القران الكريم في مشهد من فلم إباحي ؟!.

ستكون عملية التركيب صعبة نوعا ما، و هذا هو السحر الذي صنعه الغرب بنا .

لقد قام الغرب طوال قرنين بزراعة صور سحرية و اباحية كثيرة داخل عقول شعوب المنطقة عبر كتابته لتاريخ المنطقة .. و لو حاولت استبدال تلك الصور السحرية الاباحية الموجودة داخل المخيلة الجمعية .....بصورة مختلفة و حقيقية .. فلن تركب ابدا ابدا داخل مخيلة الشعوب .... ستقابل بالرفض، بل ستكون عندها محل سخرية و تهكم من قبل الجميع .

ما الحل اذا ؟، او كيف يمكن اظهار حقيقة مؤكدة تلغي كل تلك المعلومات السابقة الوهمية ؟!

لا يوجد حل الا .... جرعات صغيرة جدا عبر عمل اعلامي منظم و مسؤول ... حتى تتكون في المجتمع نفسية و عقلية و وعي ...... يمسح تدريجيا كل تلك الصور السحرية  الاباحية التي زرعت ...... و تتهيأ لاستقبال الحقيقة المزلزلة .

اخيرا

سيتم ابطال السحر الذي القاه الغرب علينا .. بعد ان يعرف و يتاكد الجميع .... بان جل نصوص النقوش القديمة الموجودة في المنطقة هي نصوص واقعية جدا،  كتبها انسان و كانه يعيش اليوم بيننا، بوعي مثل وعي انسان اليوم، و لا يؤمن اطلاقا بان هناك ثور هبط من السماء ليصارع الرب ... و لم يكن يؤمن بان الهة تصارعت مع الهة اخرى حتى تستولي على الحكم ...... و لم يكن  يؤمن بان الهة بكت زوجها و قسمت جسده على كامل الارض، و لم يكن يؤمن بان هناك ملك نصف اله و نصف بشر ..... و سيسخر منك و يعتقد بانك مجنون، لو قلت له بان شعب كان لديه الهة للبيرة  .

هناك 3 تعليقات: