الجمعة، 31 أغسطس 2018

من هم الفينقيون و الكنعانيون ؟

الفينقين و الكنعانين

هل قد سال قارىء او باحث من قبل السؤال المنطقي :  لماذا تاريخ المنطقة القديم ممتلىء و مزدحم بمسميات عديدة ل شعوب و اقوام مختلفة ؟

                
تاريخ المنطقة القديم الذي كتبه الغرب يحتوي كم هائل من اللغات المختلفة و الاديان المتعددة و الالهات الكثيرة، تشعر و كان المنطقة تغرق في بحر من الامم و الشعوب و الاقوام المتصارعة و المختلفة . فليس هناك اي علاقة لغوية و لا علاقة دينية و لا علاقة تجارية و لا علاقة بينها ، منفصلة عن بعضها بشكل تام .

اعتقد ان من بين الاسباب هو : اللغة المحرفة .

هناك مشكلة لدينا عند قراءة التاريخ و من بين تلك المشكلات مفهوم اللغة لدينا .

الانسان في مجتمعاتنا ينظر الى اللغة كانها حالة ازلية، و لا يتخيل كون بدا الا بواسطة اللغة  و يرى اللغة و كانها هبطت من السماء و ليست منتج بشري ، اي ان اللغة موجودة خارج الانسان و هو من تعلمها ، ربما السبب لانها لغات كتب مقدسة، و ربما هي ثقافة قديمة راسخة في منطقتنا العربية لان هذه المنطقة خرج منها اول حرف، خرج منها اول نصوص دونها التاريخ للانسان.

لكن هذا الامر كون لدينا تصور حول اللغة بشكل عام، فجعلنا ننظر لها بانها عملية استدعاء لكيانات مستقلة فعندما ننطق  اسم شيء ما فاننا  نقوم بعملية استحضار لهذا الشيء و نعتقد بوجوده ككيان مستقل خارج الذات ، لكن عندما يختلف نطق الاسم فنحن نعتقد اننا امام كيانين مختلفين و مستقلين .

مثال

هل تجد كيف ان البعض ممن  يجدون صعوبة في الشتم باللغة العربية لكنهم يجدون سهولة في الشتم باللغة الانجليزية ، لانه في اللاوعي يعتقد ان الكلمة في العربية لا تحمل نفس دلالات الكلمة في الانجليزية ، بل ان البعض يغضب عند شتمه بكلمة كلب لكنه اقل غضبا لو شتمت شخص بكلمة ( dog ) .

هذا المثال يختصر كامل القصة ، المثال الذي لم يصل بعد للبعض اثناء قراءة التاريخ عندما يصادفون مسميات اقوام و يريدون معرفة هويتهم .

فمثلا ......  قبل قرن لم يكن احد يعرف مسمى فينقي ، الا بعد قراءة الكتابات الغربية اليونانية ......  و بعد القراءة تكونت في مخيلتنا مسمى جديد لشعب ، و نحاول بعدها صناعة صورة جديدة لهذا الشعب في مخيلتنا ،  و هكذا الامر يحدث مع كل قراءة جديدة للتاريخ و مصادفة مسميات اقوام عديدة .

و مع القراءة العديدة نصادف مسميات اقوام عديدة جديدة ، و هكذا تزدحم مخيلتنا بمسميات عديدة ، لكن لا وجود تعريف دقيق لها.
من هم و من يكونوا و من اطلق عليهم التسمية حتى نعتقد انهم قوم مختلف ، هي مسميات في المخيلة نتاج القراءة التاريخية و لا تعرف اي تصور واضح حول من تكون . تشكل زحمة و فوضى .  من هم النبط و الاشور و السريان و العرب و الفينقين و الكنعانين و العيلاميين و  اين كانوا تحديدا و من اين اتو في البداية.

و الدليل محاولات الكثير ايجاد صيغة توفيقية بين المسميات كمهمة اصلاحية ، بعملية دمج بين المسميات ، و هذا دليل على ان تصوراتنا مازالت غير واضحة .. فمثلا اصبح البعض يسمي الاشوريين بالبابلين ، و اتفق البعض على تسميه السريان بالاراميين، فهم سريان ارميين ، و هناك من يطلق على العرب اسم العرب العدنانين، و اخر العرب الاسماعيلين . و الخ

ساضرب مثال حتى يتاكد الجميع بانه ليس لدينا منهج علمي في قراءة التاريخ و بان معظم قراءتنا و تصوراتنا خاطئة و غير سليمة ادخلتنا في فوضى و تصورات خاطئة  .

من هم الفينقين و من هم الكنعانين ؟

تقريبا ...... اسم كنعان في مخيلتنا مرتبط بصورة دينية لانه اسم موجود في نصوص دينية ، بينما اسم فينقين مرتبط في مخيلتنا بصورة سحرية من عالم اسطوري ساحري ، و طبيعي هذا لانها تسميه نجدها في مؤلفات اليونان التاريخية و غير مرتبطة بالدين . 

لكن ما العلاقة بينهما ؟

لو خيرنا البعض في الاختيار بين التسميتين فالبعض سيفضل كنعان و هم تقريبا المتدينين و البعض الاخر فينقين و هم الجماعة اللادينية.

لكن الحقيقة ان الكنعانين هم الفينقيون

في مقال سابق تحدثت حول ظاهرة  و لا ينتبه لها الكثير خصوصا من هواه قراءة التاريخ و الباحثين، هذه الظاهرة يمكن ان نجدها بشكل ملفت في روايات التاريخ القديمة الغربية التي كتبتها روما و اليونان . و تحدث عنها هيرودت في  تاريخه، عندما ذكر بان المصريين يكتبون من اليمين الى اليسار، و ان المصريين يتعجبون من اليونانين الذين يكتبون من اليسار الى اليمين.

و هذه النقطة تجدها بشكل واضح في مسميات الاماكن و الاقوام و الشخصيات في المصادر اليونانية و الرومانية ، تجدها مكتوبة بطريقة عكسية ( مقلوبة من اليسار الى اليمين ).

تستطيع التأكد من هذا الشيء بنفسك، فحاول ان تقرا اسماء كثير من الاعلام و الاماكن التي ترد في مصادر اليونان  من اليسار الى اليمين ستجد بانها اسماء مقاربة لتسميات محلية او بعضها تقارب مسميات في روايات اخرى يونانية .

و خصوصا عندما نقرا بعض الاساطير اليونانية التي كتبت حول المنطقة و التي تبدو متشابهة في احداثها لكنها مختلفة في اسماء  شخصياتها و جغرافيتها ، فلو حاولنا  ان نقرا المسميات من اليسار الى اليمين سنجد باننا امام مسميات واحدة ، و سنتاكد بعدها و بشكل قاطع باننا امام اسطورة واحدة لكن بترجمات مختلفة و محرفة ، و باننا امام شخصية واحدة لكن بترجمات مختلفة و محرفة ، و باننا امام جغرافيا واحدة لكن بترجمات مختلفة و محرفة .

سنضرب مثال حتى نتأكد اكثر

كلمة كنعان ليست الا ترجمة معكوسة لكلمة فينيق فقط.

قلنا في مقال سابق بان حرف ( ف ) هو اداة التعريف القديمة في اللغة اليونانية ، و عليه فان اصل كلمة فينق هي ( انق )

فينق = انق

و تم ترجمت هذه الكلمة اليونانية الى  اللغة العربية بكلمة عنق و منها جاءت لنا كلمة عنقاء و هو الطائر الاسطوري المعروف الذي ارتبط بالفينيقين .

انق  = عنق ( لان حرف العين غير موجود في اليونانية )

الفينقين = الانقين = العنقين

لكن هناك من ترجم كلمة عنق في اليونانية بطريقة معكوسة الى كلمة كنع لان حرف ( ق ) يتطابق مع حرف ( ك ) في المخرج الصوتي. و مؤكد انهم السبعين رجل من رجال الدين و  الذين قاموا بالترجمة السبعينية لنصوص العهد القديم من اللغة اليونانية الى اللغة الارامية .

فتم ادخال كلمة كنعان  في نصوص الكتاب المقدس فتكون لدينا شعب جديد ولد فجاءة ، بعد كتابة العهد القديم ، شعب يحمل رواية تاريخية مختلفة ذات طابع ديني و اختفى شعب من التاريخ كان اسمه الفينقين . و اصبح لدينا شعبين و كل شعب لديه رواية تاريخية و زمن مختلف و صورة مختلفة في المخيلة ، و اصبح يجد الكثير صعوبة في الدمج بينهما ، لان الكنعانين شعب مرتبط في وعينا برواية دينية بينما الفينقين مرتبط بوعينا برواية اسطورية سحرية .

عنق = كنع ( ترجمة معكوسة )
عنقاء = كنعاء
عنقان = كنعان

الان تخيل

●  كيف ان مقلوب ترجمة محرفة انتجت لك مسمى شعب جديد و رواية مختلفة عن الرواية الاولى و جعلتنا ندخل في تحليلات و تفسيرات و روايات مختلفة ،  و جعلتنا نعتقد بوجود شعب جديد بينما الحقيقة انها مجرد ترجمة محرفة .

● كيف ازدحمت مخيلتنا بمسمى لشعب جديد بسبب ترجمة محرفة .

اذن .... فنحن داخل عالم وهمي بسبب نصوص أولية تعرضت لترجمات محرفة من وقت الى اخر ... فصنعت مئات الشعوب داخل منطقتنا .

اذن نحن في  عالم وهمي فقط ، و لا نقوم باي شيء حقيقي في فهم التاريخ ، لاننا نبحث في تاريخ لا وجود له ، لانه تاريخ  ناتج عن ترجمات محرفة عديدة لنصوص اولية قديمة.

في مقال سابق تحدثت حول تعريفي الخاص للاسطورة و قلت بان الاسطورة بنظري ليست الا نصوص اولية واقعية جدا و  تعرضت  لترجمات محرفة ، و في كل زمن يتم تاويلها بشكل جديد.

و لهذا .... ف نحن نعيش في تاريخ مزور و محرف ( عالم اساطير ) فقط ،  نحن نقرا اساطير و ليس تاريخ حقيقي حدث او كان موجود بالفعل بل محرف عن تاريخ حقيقي .

و هذا هو سبب الفوضى لدينا عند قراءة التاريخ . و سبب العدد المهول من مسميات الاقوام و الشعوب في تاريخ المنطقة .

{وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون}


هل اتضحت الصورة ؟ !










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق