الخميس، 22 ديسمبر 2016

رسالة الى العلماني و الليبرالي - ظاهرة الارهاب

ظاهرة الارهاب و التشخيص الخاطىء

المفكر الكبير سيد القمني ...تحية طيبة و بعد

سنوات عديدة  و نحن نعك في ظاهرة الارهاب ، و لم نخرج برؤية واضحة حول هذه الظاهرة و علاجها، معظمها تخرج من اقلام المفكرين حول نقد التراث الديني و الحديث عن ضرورة الاصلاح الديني.

انا براي ان اول خطوة لفهم ظاهرة الارهاب جيدا ، هو اصلاح لغة التفكير ، لاننا كائنات لا نستطيع التفكير بدون لغة ، و اذا لم تكن لغتنا سليمة ، فان تفكيرنا لن يكون سليم.

اذا كنا نحمل شعور المسؤولية التاريخية، و متخلصين من العقد الشخصية و من مرض جلد الذات، و  اردنا الخرج من هذه الدائرة العبثية الى طريق واضح فعلينا  ان ندرك جيدا  باننا حين نقول ان ظاهرة الارهاب لا علاقة لها الان بالدين ، فنحن لا ننطلق من حبنا للدين الذي يتحسس منه جمهور الحداثين و العلمانين ، و لا ننطلق من فكرة  اننا لا نريد تشوية الدين ، او من عاطفة خوفنا على عقيدتنا الصافية ، او ننطلق من فكر وسطي يرى في الدين قد تعرض لتشويه و ان هولاء ليسوا مسلمين ، علينا ان ننسى هذه الامور و هذه المقدمات التي تعيقنا عن فهم علمي لهذه الظاهرة ، فنحن نبحث عن الحقيقة كي نستطيع ان نصل لحل لهذا الظاهرة قبل ان تدمرنا و تلتهمنا.

ما يجري الان لا علاقة له بالعقيدة ا و التراث .

الكلام يبدو مثير للسخرية،  خصوصا لديكم ، لكن قبل ان اشرح سبب قولي هذا ، فعلينا كما قلت سابقا  اصلاح لغة تفكيرنا، علينا ان نفرق بين جذر المشكلة (السبب الرئيسي) و بين الادوات  و الوسائل ، بين السبب و النتيجة . 

نعم ...الفكر الوهابي فكر ارهابي و متخلف و مدمر للمجتمعات و الشعوب، لكنه ليس السبب وراء ظاهرة الارهاب، فالارهاب ظاهرة سياسية بامتياز، الارهاب مشروع للقوى الدولية الناهبة  في المنطقة لتدمير الدول و تخريبها و مبرر شرعي للتدخل في شؤون الدول للحفاظ على مصالحها .

السبب الحقيقي لظاهرة الارهاب هو السياسة  . 

خلف حادثة الكنيسة  في مصر عمل منظم، جهة منظمة ، قوى منظمة ، تحاول كسب اشياء و مصالح و اوراق ضغط ، و خلف ظاهرة الارهاب في سيناء  عمل منظم و جهة منظمة لها مصلحة كبيرة ، خلف الارهاب في سيناء سبب سياسي و هو كامب ديفيد ، و تتستر خلف شكل ديني و غرض تكفيري كي يعزى السبب لامر ديني في صلب العقيدة،  تتستر خلف سذاجة التــحليلات البسيطة لدى الكثير عن ان الاصل الحقيقي وراء العلميات دائما هي نصوص دينية و الاسلام ذاته ،  فعندما يعجز الكثير عن فهم مثل هذه العمليات الارهابية و بشاعتها و لماذا و كيف و ماهذا الاجرام لماذا هنا، يذهب مباشرة للبحث عن اوهام و عقد التاريخ و الجنس و الدين و الخ و تحليلات اخرى لاعلاقة لها باصل المشكلة على انها السبب الحقيقي وراء تلك العمليات و الارهاب ، و يعجز عن فهم المقاصد الحقيقة سوى كانت مقاصد سياسية او اقتصادية او امنية وراء تلك العملية الارهابية، و عندها يصبح صاحب المصلحة بعيد جدا عن العين .

الارهاب ظاهرة ليست ذاتية ، و ليس سببها الفقر او الاقتصاد ، الارهاب ظاهرة  ترعاها دول و مكاتب استخبارات دولية و مال ضخم و تنظيم و اعلام ضخم . 

لذلك فعلينا اصلاح لغة تفكيرنا  عند الحديث عن ظاهرة الارهاب و  نقول ان جذر مشكلة الارهاب هي السياسة ، و الفكر الوهابي هو الاداة لخدمة هذه الظاهرة، و ينحصر دور الفكر الوهابي الذي يملك اعلام ضخم و جماعات في كل مكان و جمعيات و مصادر تمويل ضخمة في اشياء كثيرة من بينها : 

1-  جعل البيئة خصبة  ل الاستقطاب و التغذية العكسية .

2-  مباركة ظاهرة الارهاب  شعبيا من منطلمن انها تعبر عن عقيدة ، لمباركة تحركات الجهات المنظمة في اي بلد ،  فهذا يبارك الارهاب لانه ضد المجوس و هذا لا يترحم على القتلى بحجة انهم مسيحيين و ذلك يستقبل و يهلل لدخول المرتزقة الاجانب الارهابين و عملاء الاستخبارات لبلاده بحجة انهم مسلمون .

3- تحويل وعي الجماهير حول المشاريع السياسية  الخارجية و جعلهم يختصمون حول نصوص الدينية . 

هل تعتقدون ان قيام السعودية بنشر الفكر الوهابي في كل دول المنطقة،  عبر انشاء جماعات و احزاب و جمعيات و صناعة نجوم دينية في كل بلد، و تسخير الاعلام الضخم لخدمتها من قنوات الى صحف و مجلات ،  هل تعتقدون ان كل هذا هو عفوي ناتج عن عقل متخلف قادم من ناس اغبياء يعتقدون انهم يملكون العقيدة الصحيحة ؟

ماتقوم به السعودية من نشر الوهابية هو مشروع سياسي بالدرجة الاولى ، عمل منظم و مقصود و ليس غباء او عفويه من الدولة السعودية ،  تلك هي مهمة السعودية ضمن مشروع الارهاب و تدمير المجتمعات من الداخل ، بواسطة الخدعة القديمة ...الاختراق الداخلي ...حصان طروادة ...اختراق الشعوب بواسطة المقدس .

و اعتقد انه خلال السنين الاخيرة ، بدات تنكشفت حقائق سياسية للكثير من شعوب المنطقة حول طبيعة العلاقة بين السعودية و بين امريكا و الغرب ، و كيف انها تنفذ اجندات خارجية وفق قاعدة "سمعا و طاعة" ، بل انكشفت العلاقة الحميمة بين السعودية و اسرائيل التي وصفتها السعودية بالقول : ان اسرائيل افضل حليف لها .

 الم يسال اي شخص نفسة لماذا دول الغرب و اسرائيل لا تضغط على السعودية لتغيير خطابها الديني اذا كان هذا الفكر يشكل خطر عليها و اذا علمنا ان السعودية لا ترفض اي امر من الغرب ؟!

الاجابة واضحة : الفكر الوهابي يخدم مصالح الغرب و اسرائيل في المنطقة .

الارهاب ظاهرة مؤسسة خلفها وعي كلي يديرها و ينظمها و يرعاها ، و ليست ظاهرة عفوية خرجت من تلقاء نفسها و تعمل ذاتيا، الارهاب ظاهرة سياسية، و السبب الرئيسي لظاهرة الارهاب هو مشروع سياسي على المنطقة  ، و الفكر الوهابي هو الاداة لتنفيذ الظاهرة .

هل اتضحت المسالة ام مازالت صعبة،  هذا هو سبب ما نردده بشكل متواصل ، لاننا نريد التشخيص السليم لاجل العلاج الصحيح و الخروج من هذا الاعياء المستمر في فهم هذه الظاهرة، و ليس حديثنا محاولات لتحسين صورة الدين . 


تظل هناك صعوبة صغيرة في فهم هذه النقطة خصوصا لدى النيوعلمانين و سببها عقدة المؤامرة ، لانه ينطلق في فهم هذه الجوانب من سخافة نظرية المؤامرة و انا لم اتحدث عن مؤامرة بل هي مصالح قوى دولية منظمة لخدمتها .

يبقى لدينا السؤال المهم بعد ان تم تشخيص المشكلة ، ما هو العلاج ؟

المفكرين الذين يكتبون في مسالة الاديان و تحديثها و اعادة نقد نصوصها لتناسب الواقع الجديد، اولئك الذين يذهبون الــى تقليب التراث لاجل اصلاح العقل الاسلامي و اصلاح هذا الواقع البائس الذي يعتقد ان سببه الافكار الغير منقودة في كتب التراث، و اولئك الذين يحلمون بدولة مدنية في اوطانهم و يكتبون في وسائل و طرق الذهاب الى الدولة المدنية و علمانية الدولة ، هولاء اخطأوا في تشخيص المشكلة.

لماذا ؟

من يبحث عن تجديد الخطاب الديني كحل جذري للظاهرة فهو كشخص يحاول ان يحفر بيده حفرة ، ثم تاتي شاحنة ضخمة و ترمي حمولتها من التراب على الحفرة . انت تواجه مشروع مؤسسي ضخم خلفة دول و مال ضخم و اعلام ضخم .

المشكلة لن تحل بتلك الطريقة ، لانها مشكلة سياسية بامتياز يعتمد على راس الهــرم السلطة. هرم السلطة يستطيع عمل ذلك ، هي القوة القادرة على صناعة مشروع لمحاربة ذلك الفكر عن طريق توظيف كل امكانيات الدولة لاجل تفعيل هذا المشروع من كل الجوانب ...و من يبحث عن تجـــديد للخطـــــاب الديني الاسلامي في المنطقة عليه اولا ان يسقط مركزية مكة القائمة عـــلى الاديولوجيا الدينية السعودية و التي تملك كل الادوات القوية لملىء وعي الجمهور بالدين عبر المال الضخــم و فضاءها الاعلامي الضخم و المصالح الكبيرة لها في المنطقة و العالم، و سينتهي كل هذا العبث الديني في المنطقة و العالم، و سيتوجه الناس الى ايديولوجيا اخرى في فهم الحياة مختلفة تماما و لن يكون للدين بتوليفة سياسية ذلك الحضور و ستنتهي فكرة الصحوة الاسلامية المزعومــة، و سيكون هناك ضرورة لقيام دول علمانية مدنية في دول المنطقة.

علينا ان نفكر بحلول عملية تعطي ثمارها ، و استغرب ممن يعي هذه المشكلة و مازال يصر على دعم سياسة السعودية في المنطقة ، لاني ارى ضرورة تكوين جبهة سياسية في كل الدول لمواجهة السعودية ، عن طريق دعم كل الشعوب و الحكومات و المنظمات و الشخصيات المعادية للسعودية ...لاجل محاصرتها  .

قدمت افكار حول جوانب مرتبطة بالحل ..و تبقى الحلول مطروحة لكم و للجميع .

و تحياتي لك
.
.

.
.
.
.

هناك تعليق واحد: