الاثنين، 26 ديسمبر 2016

اغتيال الملك عبد الله بن عبد العزيز و عاصفة الحزم

الملف النووي الايراني هو السبب الاكيد وراء اغتيال الملك عبدالله بن عبدالعزيز .

لماذا ؟

الملف النووي يعني وسيلة ضغط على امريكا لترتيب اشياء في المنطقة مقابل التخلي عن المشروع النووي الايراني ، بمعنى اخر كل الترتيب الذي قامت بها اسرائيل في المنطقة من خلال ضغط اللوبي الصهيوني في امريكا سيروح سدى . بمعنى اخر مشروع اسرائيل في المنطقة التي قامت السعودية بادارته سيسقط .

و كان هذا سر جنون و غضب اسرائيل من احتمال توقيع الاتفاق النووي ، فقد كان الملف النووي اكبر هاجس مخيف لاسرائيل منذ سنوات . و تصريحات نيتنياهو  حول ان الاتفاق النووي بانه يهدد وجود اسرائيل و اكبر خطا استراتيجي ترتكبه امريكا ، توكد ذلك . 

عندما صعد روحاني للرئاسة الايرانية كانت اشارة مرعبة بان ايران اصبحت جادة في توقيع الاتفاق ، لان روحاني كان مسؤول سابق للملف النووي الايراني . و بالفعل حدث اتصال بين امريكا مع ايران عن وجود جدية لتسوية الملف النووي لاول مرة منذ الثورة الايرانية و بدات المفاوضات .

اسرائيل حاولت الضغط على ادارة اوباما لوقف المفاوضات بحجة انها تسمح لايران بانتاج قنبلة نووية و تسمح لايران  نشر الارهاب بعد رفع العقوبات و اعادة اموالها  ، و الحقيقة ان هاجس الاكبر لاسرائيل كانت البنود السرية، بدليل ان اسرائيل حاولت التجسس على المفاوضات في سوسيرا و فينا و بالفعل حدثت عملية تجسس و سببت ازمة دبلوماسية بين امريكا و اسرائيل .  فشلت اسرائيل في الضغط على ادارة اوباما ، و لم يبقى على اسرائيل الا محاولة افشال الاتفاق كي تتراجع ايران عن توقيع اتفاق نهائي، بمعنى انه على اسرائيل افشال البنود السرية في الاتفاق على الارض لاجل تضطر ايران لوقف المفاوضات .

كانت من بين البنود السرية في الاتفاق النووي ، ان يكون الحل في سوريا سياسيا و ليس عسكريا ، و ان جماعة انصار الله شريك في حرب الارهاب .

في السعودية كان هناك جناحان للحكم .

الجناح الاول ... كان يحاول تقويض الاتفاق النووي ، و يقود هذا الجناح بندر بن سلطان... فقد ساهمت السعودية بشكل كبير في محاولات افشال الاتفاق، بعد ان ياست السعودية و اسرائيل من الضغط على الادارة الامريكية ، فاتجهوا الى اماكن اخرى لاجل اسقاط سوريا ، ذهب بندر الى مصر و عرض عليها صفقة مقابل التدخل المصري في سوريا، و هذا يفسر سر الموقف المفاجىء لمرسي من سوريا بعد لقاء سري بين بندر و جماعة الاخوان  ، ثم ذهبت السعودية   الى روسيا و عرضت عليها صفقة كبيرة مقابل التخلي عن النظام السوري ، و رفضت روسيا الصفقة ، فذهبت السعودية الى خطوة تخفيض سعر النفط و فشلت ، ثم بالتعاون مع دول اوروبية صنعوا ثورة في اوكرانيا ، و اوكرانيا تمثل عمق استراتيجي لروسيا ، و كان هدف اوكرانيا ، لاجل ان تتم مقايضة مع روسيا ، اوكرانيا مقابل روسيا . فشلت كل المحاولات، و لم يبقى لديهم الا اعلان قيام داعش و تكوين جيش عقائدي يستقطب مقاتلين من كل انحاء العالم لاجل اسقاط النظام السوري .

الجناح الثاني ...كان يحاول المساعدة في انجاح الاتفاق النووي و هو جناح الاخر الملك عبد الله، حيث ساهم في افشال محاولات الجناح الاول في افشال الاتفاق النووي .

كان الملك عبدالله اكبر عائق امام اسرائيل في محاولاتها افشال الاتفاق النووي ، لان اسرائيل لا تستطيع التحرك في المنطقة و العالم  الا عبر السعودية، لنفوذها الكبير في المنطقة و حجم الاعلام التابع لها و مركزيتها الدينية و لحجم المال الضخم لديها الذي يسهل عملية التحرك .

في مصر قام عبدالله بدعم ثورة ضد مرسي بعد نصف شهر تقريبا من المهرجان الضخم الذي قام بهالاخوان و حضره مرسي ،  لدعم ثورة سوريا و قرر فيه مرسي بقطع العلاقات مع سوريا و لمح بامكانية دخول الجيش المصري لانقاذ الشعب السوري الذي يتعرض لابادة من  النظام السوري .

في سوريا كما نعلم لم يكن للسعودية حضور ملفت و كان الدور الاكبر لقطر ، قام عبدالله باقالة مدير المخابرات السعودية بندر بن سلطان مدير المخابرات ، و الذي كان يعتبر المسؤول الاول و الفاعل الحقيقي في عمليات صناعة التنظيمات الارهابية المسلحة و دعمها بالمال و السلاح. و عين شخصية لاول مرة تكون من خارج الاسرة الحاكمة .

في اليمن كان موقف الملك عبدالله دعم تمدد الحوثيين من بداية الازمة من دماج و حتى دخول الحوثيين صنعاء ، و كان اعلام الاخوان من موقف السعودية هو السخط و اتهامها بالعمالة ، و الدليل ان الرئيس اليمني المنتخب عبدربة منصور هادي كان في الرياض في زيارة مفاجئة للقاء الملك عبدالله اثناء دخول الحوثيين عمران و سقوط المعسكر فيه على يد الحوثيين، و ايضا كان هناك وفد رسمي من الحوثيين في الرياض بدعوة من الملك عبدالله.

كانت هذه الاحداث تجري اثناء سير المفاوضات حول الملف النووي ، و كانت اسرائيل تتكهن و تحلل الاحداث من منطلق الاتفاق النووي و لم تتاكد بعد من بنود السرية رغم محاولاتها التجسس على المفاوضات بين ايران و امريكا .

حتى ساعة اعلان عبدربة منصور هادي في اليمن تقديم استقالته ، الذي احدث زلزال كبير على الجناح الاول في السعودية ، و جعل اسرائيل تحسم المسالة نهائيا حول المفاوضات . فما هي الا ساعات قليلة من تقديم الاستقالة حتى تم اعلان وفاة الملك السعودي عبدالله . و هي لم تكن وفاة عادية بل عملية اغتيال ، فهذه الاستقالة تتطلب اتخاذ موقف حازم و حاسم نهائي و التخلص من اي معوقات تقف امام هذه الكارثة ، و لابد من اغتيال الملك عبدالله و التواصل مع عبدربه منصور هادي و تقديم له كل التنازلات و عقد صفقة كبيرة معه  مقابل التراجع عن الاستقالة و يصبح حليف لهم ،  لان تقديم الاستقالة يعني ان مصلحة ايران سيصبح لها وجود شرعي و قانوني و شعبي  في اليمن ، لان الاستقالة ستسلم لمجلس النواب ، و المجلس ذو اغلبية من حزب علي صالح المتحالف مع الحوثيين .

و بالفعل تراجع هادي عن الاستقالة و تم تهريبة بالتعاون مع جهاز الاستخبارات السعودية و عملاءها و ضخت اموال كبيرة لدفعها كرشوات لاجل تهريبه . و هرب هادي الى السعودية و تم اعلان عاصفة الحزم من قبل السعودية و تحالف دول معها على اليمن لاجل افشال الاتفاق النووي الايراني . و كانت حسبة السعودية ان تكون العاصفة لمدة قصيرة حتى افشال الاتفاق ، و ماهو الا شهر بعد العاصفة حتى تم التوصل لاطار نهائي في مفاوضات النووي قبل التوقيع النهائي ، حتى اعلنت السعودية انتهاء العاصفة و اعلنت عملية اعادة الامل،  لكن ايران وقعت الاتفاق النهائي بالاخير و ورطت السعودية و الان السعودية مورطة في اليمن بسبب حسبه خاطئة.

و تاكيدا لصحة فرضية  اغتيال الملك عبدالله ، ان علي عبدالله صالح يدرك ان الملك عبدالله تم اغتياله،  و قد اشار لها بطريقة غير مباشرة في خطاب له في سبتمبر 2016 عندما وجه خطابه الى محمد بن نايف و اتهمه بانه سبب الحرب على اليمن لانه مسؤول الملف اليمني ، و كما نعلم بان الملف اليمني ملف مهم للسعودية و قرار الحرب بيد مسؤول الملف  ، و ذكر علي عبدالله صالح  محمد بن نايف بحادثة قديمة و شرح فيها كيف غضب الملك عبدالله منه و وقع خلاف بينهما بسبب تلك الحادثة و طلب منه ان لا يتخذ اي موقف قبل الرجوع له لانه الملك خصوصا في ملف اليمن . و كانت تلك اشارات من قبل علي عبدالله صالح لمحمد بن نايف بانه وراء اغتيال الملك عبدالله .

فصعود محمد بن نايف للحكم في السعودية و هو من الجيل الثاني من بين منافسين عدة من الاسرة  على الحكم ، الا دليل على انها صفقة مع اللوبي الصهيوني في امريكا مقابل اغتيال عبدالله و اعلان عاصفة الحزم على اليمن . و سيكون محمد بن نايف هو الملك السعودي القادم .  


ابن الشمس  
med2moh@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق