الأربعاء، 18 يناير 2017

افكار خاطئة - اتاتورك لم يجلب العلمانية لتركيا

تنتشر في اوساط النيوعلمانين مقولة مشهورة : نحتاج الى اتاتورك لفرض العلمانية في الدولة . و هذه المقولة الخاطئة تنطلق من قصور معرفي في التاريخ و سطحية في فهم العلمانية .

اولا ...اتاتورك لم ياتي هو بالعلمانية لتركيا ، بمعنى لم يكن قيام اتاتورك بفرض العلمانية و محاربة كل اشكال الاسلام التي تربط تركيا بالعرب و المسلمين اتت من وعي باهمية العلمانية لتحديث تركيا و جعلها تركب الحضارة او كاحتياج تركي لمعالجة مشكلات داخلية تطلب منه عمل العلمانية..لم يكن هذا السبب اطلاقا ، العلمانية فرضت فرض على تركيا الرجل المريض من قبل الدول المنتصرة في الحرب العالمية الاولى فرنسا و بريطانيا ، و منع كل الاشكال الاسلامية التي تربط تركيا بمحيطها ، و اتاتورك نفذ تلك الشروط فقط و من مظاهرها :

1- الغاء الخلافة و اعلان دستور علماني قائم على القومية التركية ، حتى سمى نفسة اتاتورك الذي يعني ابو الاتراك كموسس للدولة الجديدة التي ستقوم على القومية التركية و يكون هو ايقونة الايديولوجية الجديدة .

2- تم الغاء مظاهر الاسلام بشكلها العربي ، و تتريك الاسلام ..فقام بالغاء الحروف العربية و استبدالها بحروف لاتينية في الكتابة ، قام بالغاء الاذان بالعربي و جعله بالتركي ، و اشياء كثيرة .

هي لم تكن علمانية حقا بناء على احتياج داخلي تركي لحل مشكلات في المجتمع ، او نتيجة حراك سياسي و ثقافي متفاعل مع الواقع الجديد ، بل كانت مطلب خارجي على تركيا فقط ، و  لم تكن علمانية بالشكل المناسب ، بل كانت عملية اشبه بمحاربة كل اشكال الروابط مع محيط تركيا فقط ، بمعنى انها كانت احتياج خارجي و لم تكن احتياج داخلي بما يناسب الخارج .

السؤال :  لماذا فرضت الدول المنتصرة على تركيا تلك الشروط ؟

عندما تفرض تلك الشروط على تركيا فانت تؤسس لقطيعة تاريخية فكرية و روحية بين تركيا و محيطها الجغرافي ، و هذه القطيعة مهمة للدول المنتصرة التي ستستولي على تركة الرجل المريض تركيا و مناطق نفوذها ، حتى تطمئن الدول المنتصرة بعدم سعي تركيا للعودة لنفوذها و تقطع اي طريق امام عودتها .

ليس هذا فقط ، بل تم فرض القومية التركية باعتبارها الاطار العام المشترك الذي يوحد الدولة الجديدة . و عليه سيكون حاجز امام تركيا علاقة مع محيطها من باب قوميات فقط لايوجد مشترك اخر .

و لكي تتاكد انظر ، كيف ان تركيا كانت غائبة عن المنطقة و لكن بعد صعود اردوغان اصبح لها حضور في المنطقة و دوائر مرتبطة بها و جمهور مؤيد لها من خلال رابط حزب اسلامي يجمعها بالمنطقة .

العلمانية فرضت على تركيا فرض لقطعها عن تركتها السابقة في المنطقة ، و سببت ضعف لتركيا و مشكلات ايضا ، فمن جهة قطعت تركيا عن محيطها و من جهة سببت مشكلة القومية لان هناك في تركيا قوميات اخرى ك الكرد ، فبعد ان كان تركيا اطارها العام الاسلام كانت تستطيع لم شمل الجميع داخل الاطار ذلك ، لكن بعد ان اصبحت تركيا، تحولت الى مشكلة لدى الكردي  في كونه تركي و بنفس الوقت كردي .

و اذا كنت تعتقد ان العلمانية بنظر الاتراك مصدر قوة فانت واهم ، هم ينظرون الى المصلحة فقط ، اذا كان الاتراك يجدون في دستور الاسلام مصدر قوة سيكسبون منه المثير فسيعتمدونه بدون جدال . و انظر ما يجري الان في تركيا ، فبعد ان ياس الاتراك من دخول اوروبا لم يبقى امامهم الا المنطقة و لاجل دخول المنطقة لابد ان يكون اطارهم اسلامي لجذب المنطقة . فقد بدا اردوغان يتحدث عن تعديل الدستور و يكون اسلامي و بدا يتحدث لدول المنطقة عن ضرورة التخلي عن فكرة الجامعة العربية و انه يجب الحديث عن جامعة اسلامية كاطار للمنطقة كلها . و الان يجري تعديلات دستورية على هيكل الدولة لتوسيع صلاحيات الرئيس و اعتقد انها خطوة قبل اعلان قيام كيان جديد لتركيا منقطع عن حقبة اتاتورك .

هناك تعليق واحد: