الاثنين، 23 يناير 2017

الحوار بين المنطق و الصور الصادمة

من خلال مراقبتي للحوارات ، وعلى مدى عدة اعوام ، سوى في الواقع او في العالم الافتراضي ، استوقفتني عدة ظواهر ميزت تلك الحوارات، ما بين العقم و النمطية و عدم المرونة في الفكرة او عدم تقبل فكر الاخر او منطق غير سليم، و في اكثر تلك الحوارات و تبادل الافكار ، كانت تنتهي عند اسقف معينة معدودة ، و يصعـــــــب بل استحالة الاستمرار في النقاش. وكنت ارجع اسباب تلك الظواهر الى ثقافة المتحاور او الى توجهه الديني او الايديولوجي او انتماءه الحزبي.الحقيقةان المتحاورين و انا من بينهم ، كنا في الخفاء غارقين في فكرة الاحكام المسبقة على الاخر........منها انه ساذج، او مغرر به ، او مغسول الدماغ من المحيط الذي حولة ، او ان ثقافته بسيطة تمنعه من تحليل الامور و استنباط الحقائق من النقائض .

إلى أن ان استوقني ظاهرة ملفته جدا ، و اثارتني بشدة و هي ان المستوى الثقافي ليس المسؤول عن ذلـــك المنطق الغير سليم و طريقة التفكير العقيمة، فبعد مشاهدت تعليقات في الفيسبوك من اليمن على موضوعات، رايت متحاورين اصحاب مستويات مرتفعة من العلم و الفكر و الثقافة لهم نفس المنطق و التعليقات عقيمة تشابه تعليقات من نعتقد انهم في مستوى علمي و ثقافي بسيط .

ليست الثقافة فقط بل ان نوع العقيدة ليــــــــست المسؤولة عن ذلك المنطق العقيم و دوائر التحليلات و التفسيرا  التي لا تنـــــتهي بنتيجة ،فقد وجدت حتى مسيحين بنفس المنطق ،لكن الظاهرة الاكثر غرابة كانت هي ان العقيدة لذاتها لم تكن السبب ابدا ، بعد ان شاهدت محاورات لادينين بنفس ذلك المنطق الغير سليم و دائرة التفكير العقيمة. يا ترى ما السبب ؟.

الصورة الصادمة هي السبب في كل ذلك. طبعا هناك صور تحفظ في الذاكرة القريبة ، وصور تحفظ بطريقة شبه دائمة ،لكن الصورة المقرونة بالصدمة هي ما يقوم الدماغ بالاحتفـــاظ بها بشكل دائم و لا يمكن نسيانها او محوها حتى موت الشخص . الصور الصادمة المسؤولة عن تلك الاعاقات الذهنية و المنطق الغير سليم ، و هذه هي الملاحظة ان في كل محاولة نقاش او مراقبته ، بحيث يكون المتحاورين مختلفون في وجهات النظر او الفكر و العقائد او مستويات الثقافة ، يحدث اعياء و لا نعرف ان السبب ان قوة الصورة لدى المتلقي اقوى من قوة الحجة لدى المحاور . ذلك المتلقي يملك حجة اقناع صورية صادمة ، بينما المحاور يحدثه بلغة منطقية ، و هنا تصبح الصورة اقوى من اللغة ، الصورة تتغلب على الكلام و اللغة ، الصورة اكثر اقناع من أي شي منــــطق، المتلقي يحاول اقناعك من خلال حديث صوري ، أي جمل ممتلئة بالمشاهد المصورة ، تكون حجته الصورة ، فمثلا يقول لك : مشاهد الذبح اين ذهبت بها..... ماذا عن ا لبراميل المتفجرة.....انظر الى اشكالهم ...... اسالني عن جاري المتزمت ، انظر اليهم يقبلون الارجل .....هل رايتهم و هو يستقبلون....الخ

دائما المنطق لديه يتمثل بصورة مخزونة في العقل ، و تصبح اكثر قوة اذا كانت صورة صادمة . لذلك في كل حوار دائما، هناك تصادم بين المنطق و بين الصورة ، بين المشهد و بين الكلام ، بين السمع و البصر و بين المنطق .

.
.
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق