الثلاثاء، 9 يوليو 2019

مكة قصة ملفقة لاخفاء حقيقة القران - 3

في المقال السابق تحدثنا ، حول معنى كلمة اساطير في القران الكريم ، و بان قواميس اللغة تتحدث عن معنيين اثنين، الاول هو الاشياء المرتبة في صف واحد، و تعني الاحاديث التي لا نظام لها .. و خلصنا الى ان الكلمة في نصوص القران تعني الكتابات حرفيا .

قلنا سابقا باننا نعتقد بان تعريف القواميس لكلمة اساطير بانها الاحاديث الباطلة هو تعريف جاء بعد القران ، بسبب سوء فهم لنصوص القران ، لكن لو افترضنا ان تعريف الاسطورة الذي ورد في القواميس ليس دلالة حديثة جاءت بسبب سوء فهم النص القراني، فهذا يجعلنا نعيد قراءة التعريف بشكل جيد.

التعريف لكلمةاساطير ... يتحدث عن احاديث لا نظام لها ، اذن فهي تحتاج الى نظام لتصبح واضحة ، و اما التعريف الاخر يقول انها احاديث تشبه الباطل ، اذن فهي ليست باطل ابدا لكن تشبه الباطل  لانها لا تملك نظام او ربما لان الناس لا تعرف نظام لها فيخيل لهم انها باطل بينما هي حق في الواقع ، بمعنى حديث يشبه الباطل لانه بلا نظام، و يحتاج الى نظام حتى يخرج من شبهة الباطل لنرى الحق .

هذه النتيجة تتفق مع ما تحدث حوله شحرور في كتابه حول القران  و حول تفسير الاية  الكريمة {أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ¤ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} ، فهو يرى ان كلمة ترتيل لا تعني المعنى السائد و هو التانق في قراءة القران، بالاستناد على الاصل اللغوي للمادة ( ر ت ل) رتل الشيء ، نسقه و نظمة ، لانه  لا يستقيم معنى التانق و التحسين في قراءة القران الواردة في الاية { و رتل القران ترتيلا} مع الاية التي بعدها { انا سنلقي عليك قولا ثقيلا} ، فلا علاقة اطلاقا بين التانق و بين القول الثقيل، فوصف القول بالثقيل يعني وجود وعورة في فهم معانيه، و عليه فان شحرور يعتقد ان ترتيل القران تعني ترتيب و تنظيم الموضوعات الواحدة الواردة في ايات مختلفة من القران في نسق واحد كي يسهل فهمها .

و النتيجة السابقة التي تحدث حولها شحرور  قد تتفق مع كون الرسول محمد تكفل بنقل القران و لم يفسره ابدا، فلا يوجد تفسير للنبي للقران ، حتى ان هناك قصص كثيرة في التراث الاسلامي تتحدث حول قيام الصحابة بسؤال النبي عن معاني بعض الكلمات في القران و ايضا عن التفسير و المعنى المقصود من بعض الايات القرانية ، و هذا يحل معضلة كانت محيرة كيف يعقل ان قوم لا يدركون معاني كتاب بالرغم من انه نزل بلسانهم. 

لكن هل يعقل ان نصوص نزلت بلسان قوم و لايفهمون معانيها ؟!

في المقال السابق، تحدثنا باننا سننطلق من  مناهج و نظريات الغرب التي يعتمدها الكثير حول اللغة، بان اللغة كائن متطور تتغير مع الزمن  و من ارضية الزمن الروماني ،  و طرحنا سؤال  :

هل يقصد باللوح المحفوظ،  اللوح الحجري المحفوظ الذي كان مكتوب فيه العقيدة قديما، و منه يتم نقل سطوره الى الجلود من حقبة زمنية الى اخرى و بمنطوق حديث و يتناسب مع اللغة التي وصل لها الناس ؟!

هذه العملية قد تؤدي الى نتائج قد تتفق مع تعريف الاسطورة الموجودة في القواميس، في كونها احاديث بلا نظام او تشبه الباطل، و يتفق مع واقع ماثل امامنا في ترجمات الغرب للغات قديمة موجودة في نقوش المنطقة ....... فمخرجات هذه الترجمات عبارة عن احاديث بلا نظام و تبدو باطلة .



  {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب}

فهل الموضوع  ......... يتحدث عن الايات المحكمات و اسماها ب ام الكتاب ، فهل هي الايات الثابته في اللوح المحفوظ الذي ذكرناه سابقا و هي الاسماء الثابته التي لا تتبدل ، اما الايات التي توصف ب المتشابهات فهي الاسماء التي يتبدل منطوقها حتى يتوافق مع تطور لسان الناس؟


 
هذا النص القراني السابق سيجرنا الى سؤال منطقي :

اذا كانت الاسطورة احاديث تشبه الباطل لانها بلا نظام، فهل يستطيع اشخاص راسخون بالعلم من ايجاد نظام لاخراج تلك الاحاديث من شبهة الباطل لرؤية الحق.

الايه السابقة كما يفهمها المسلم .. بانها تخص مسالة التاويل بالله ، لكني اجد ان سياق الاية قد يكون متصل بما بعده ..... فلا يعلم التاويل الا الله و الراسخون بالعلم، لان تخصيص لفظة الراسخون في العلم في سياق الاية جاءت لتؤكد تلك النقطة حول عملية نقل اللغة القديمة الى اللغة الحديثة و هذا الامر يفرض عليهم الايمان بانها من عند الله.

و تؤكد هذا اية اخرى

{لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما}

فهي تتحدث حول صنفين من الناس، الراسخون بالعلم و المؤمنون الاثنان يؤمنون بالكتاب و ما انزل من قبل ، و كان يمكن الاكتفاء بالقول المؤمنين ، لكن الراسخون في العلم يدركون حقيقة الكتاب و ايمانهم جاء من علمهم و ادراكهم لحقيقة الكتاب و بانه كلام الله لكن بلغة حديثة ، و اما المؤمنون  فيؤمنون  بانه كلام الله بدون لكن بدون علم.

يؤكد استنتاجنا هذا اية اخرى في القران

{هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون}

فهي تتحدث بشكل صريح بانه سياتي يوم تاويله ، و هناك اية اخرى تؤكد استنتاجنا حول انه سياتي تاويل، و ان سياق الاية تؤكد بان الراسخون في العلم يدركون تاويله، و في نفس الوقت  تؤكد استنتاجنا السابق حول ان لفظة القران تطلق على سطور اللوح المحفوظ و  الايات المتشابهات تطلق على القران .

  
  {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين (37) أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين (38) بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين (39)}

الاية تتحدث حول القران و ليس الكتاب ، و بان القران ليس افتراء بل هو منطوق لغوي جديد و صحيح للكتاب الموجود في اللوح المحفوظ، فهذا القران ليس افتراء و لكن مصدق لما بين يديه و تفصيل للكتاب. اما المكذبين سيقولون انه افتراء، و القران يتحدى الجميع في هذه النقطة بانه افضل منطوق صحيح للوح المحفوظ بلغة اليوم و بدون اي اعوجاج .

و هولاء المكذبين كذبوا القران لانهم لم يحيطوا بالعلم اي غير راسخين في العلم، فهم لا يدركون هذه الامر حول تبدل اللسان و علاقتها بتغير لغة الكتب المقدسة حتى يستطيع الناس فهمها بلغتهم الحديثة، فكلها من الله . و الاية في سياقها تنحدث بان ساعتها لا يوجد احد يعرف تاويله فالنبي نقل نصوصه فقط و لا يدرك التاويل و لا يدرك الجميع التاويل و لما ياتهم تاويله( اي لم ياتهم تاويله). اي سبب التكذيب انهم غير راسخون في العلم و لم ياتهم تاويله ، و كذلك كان حال الامم السابقة و  التي حدث معها كما يحدث الان مع القران فكذبوا بالكتب السابقة .

لكن ما معنى التاويل ؟

● وردت كثيرا في قصة يوسف، و هي بمعنى التفسير الذي يتطابق مع الواقع او الحقيقة، فهو يقول ان يوسف يعلم تاويل الرؤيا و مرة يصف يوسف بانه يعلم تاويل الاحاديث.

اذن الاحاديث هي نظام مثل الرؤيا .

{وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}

  و من قصة يوسف ترد له رؤيا و يقوم بتاويلها بشكل صحيح ،  و بالنظر للرؤيا نجدها مثل فعلا مثل الاحاديث التي لا نظام لها،  لكن يوسف يدرك التفسير الحقيقي ، فالرؤيا في قصة يوسف كانت تحتاج الى يستطيع ايجاد النظام الذي سيؤل بالشكل الصحيح تلك الاحاديث ، فهل اساطير الاوليين التي وردت على لسان المكذبين كان يقصد بها انها احاديث مثل الرؤية و التي تحتاج تاويل ، هل نسق الاساطير مثل نسق الاحلام ؟

● و ترد كلمة تاويل في سورة الكهف، و تعني اخراج الحق من الباطل ، او كشف الحق عن الباطل او اظهار حقيقية الشيء الذي يبدو باطل ، بقصة موسى و الرجل الصالح الذي اتاه الله علم، و الذي جهل فيها موسى كل الامور الباطلة التي يقوم بها الرجل الصالح، حتى نفذ صبر الرجل  من اعتراض موسى عليه ، فيفترق عنه بعد ان يشرح له الحقيقة وراء كل عمل قام به .

{قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} [الكهف : 78]

و من قصة موسى نجد انها اعمال لا نظام لها و تشبه الباطل ، لكن لها تفسير حقيقي و تحتاج الى من يستطيع ايجاد النظام الذي سيكشف الحق عن الباطل ، فهل اساطير الاوليين التي وردت على لسان المكذبين هي الاحاديث التي تشبه الباطل لكنها تحتاج الى من يكشف الحق عنها.

انتظر لحظة ...هذا هو التعريف الذي جاء في القواميس .... لقد وصلنا الى نقطة في البحث و نحن لا ندرك ان الامر سيصل بنا الى تعريف للاسطورة حسب تعريفات القواميس .

  حديث يشبه الباطل لانه بلا نظام، و يحتاج الى نظام حتى يخرج من شبهة الباطل لنرى الحق.

نعم ... المعنى الذي وصلنا له من القران لكلمة تاويل يتطابق مع تعريف الاسطورة في القواميس  .

فلفظة تاويل التي تحدث حولها النص القراني بعبارة و ما يعلم تاويله الا الله، هل تعني تفسير ايات الكتاب التي تتحدث عن الماضي و المستقبل بالشكل الصحيح بنفس طريقة يوسف و الرجل الصالح ، فهل المكذبين ب القران حين اطلقوا على القران اساطير الاولين كان يقصدون بانه مثل احاديث الاولين التي تتحدث عن ماحدث و ما سيحدث ، اي تتحدث عن الماضي و المستقبل. لكنها احاديث ليس لها نظام و تشبه الباطل.

وصولنا الى هذا النتيجة قد يجعلنا نستسلم للتعريف الذي جاء في القواميس لكلمة اساطير ، لكني مازلت مصر على ان لفظة اساطير تعني الكتابات ......... و قد يكون معنى التاويل هو تاويل النصوص الذي تشبه الباطل و بلا نظام .. لعدة اسباب :


● اولا لان  في مشتقات لفظة اساطير في القران( مسطور ، يسطرون ) واضحة جدا و تعني الكتابة .

● ثانيا لاننا امام حقيقة وفق المنهج الغربي ،  تقول عند كتابة نصوص بلغة ما،  فانه بعد حقبة زمنية طويلة ، لو اردنا قراءتها بلغتنا الحالية ستتحول الى منطوق بلا نظام و احاديث تشبه الباطل، لان ساعتها ستكون لغتنا قد بلغت مرحلة متطورة جدا عن لغة الاجداد التي كتب بها تلك النصوص، لان لغتنا اصبحت تحمل مدلولات جديدة للكلمات و الالفاظ و التعابير غير المدلولات القديمة التي كانت في لغة الاجداد . فيحدث  اسطرة للنظام اللغوي ، اي تصبح احاديث بلا نظام تشبه الباطل مع انها حق .

و الاية التالية تزيد من احتمال صحة النتيجة التي وصلنا لها بشكل كبير

{وإنه لتنزيل رب العالمين (192) نزل به الروح الأمين (193) على قلبك لتكون من المنذرين (194) بلسان عربي مبين (195) وإنه لفي زبر الأولين (196) أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل (197) ولو نزلناه على بعض الأعجمين (198) فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين (199)} [الشعراء : 192-199]

فالاية تتحدث عن ان الكتاب من عند الله لكن بلسان عربي واضح اي بمنطوق حديث واضح يفهمه الناس،  و هو موجود في زبر الاولين ، لاحظ هنا ان القران يتحدث بشكل صريح بان القران موجود في زبر الاولين، و لاحظ كيف تتفق لفظة الاولين على لسان المكذبين ( اساطير الأولين ) مع لفظة الاولين على لسان القران في وصف نفسه ( زبر الاولين ).

فالمكذلين يصفون القران باساطير الاولين بينما القران يصف نفسه بانه زبر الاولين ، هذا يعني ان اساطير الاولين تعني زبر الاولين، لاحظ كيف الاتفاق حتى في صيغة الجمع، فالقران قال زبر و لم يقول زبور ، و كيف ان  المكذبين قالوا اساطير و لم يقولوا سطور ، و كما يعلم المسلم و الجميع فالزبر مقصود بها كتب ، اي ان اساطير الاولين هي كتب الاولين، اما في اليمن فمازال سكانها يطلقون حتى اليوم على خط قديم كان يستخدم في الكتابة قديما في اليمن لفظة خط الزبر، اي ان القران كتابات الاولين بخط الزبر، اي منقول من زبور قديم ، لكن بلسان حديث اي لسان عربي واضح يستطيع فهمه الكثير. و يدرك هذا الامر الراسخون في العلم من بني اسرائيل .

اعتمادنا على المنهج الغربي ... سيجعلنا نصل لمعنى يتفق مع الاساطير في القواميس :

   فالقران يقول لو نزلناه ، و لم يقل لو انزلناه، و هذا يدل ان لفظة تتحدث عن ماضي ... و بان الاعجمين يقصد بها قوم في الماضي و ليس في الحاضر ، فلفظة اعجمي لا يقصد بها الاقوام في زمن القران، فالقران لا يصف الاقوام الاخرى بالاعاجم،  لان القران يضرب مثلا في ذلك الوقت ، بانه لو ان الله انزل القران بلسان عربي حديث  على الاولين الاعجمين الذين لم تكن لغتهم عربية لما امنوا به، لانهم لن يفهموه فلغتهم مختلفة عن لغة اليوم . 



اذن فنحن نعتقد وفق قواعد و نظريات المنهج الغربي، بان جوهر الخلاف حول النبي محمد كان حول منطوق الكتاب المقدس.

فالقران يريده بلسان عربي مبين و واضح ليفهمه الناس بينما هناك من يصر على الاحتفاظ بالمنطوق القديم للغة ، و اعتقد بان الامر منطقي و سيواجه بصد عنيف و تكفير و محاربة، فاللغة المقدسة التي يدون بها كتاب يؤمن بها ناس، تصبح لغته بعد فترة طويلة لغة قديمة صعبة الفهم و يحدث عندها انفصال لغوي بين اللغة المحكية الحديثة و اللغة المقدسة القديمة ، و سيحدث عندها تحريف للمعاني الاصلية المراد في الكتاب المقدس، بسبب طبيعة اللغة التي تتطور و تتبدل.  و عليه فاننا نستطيع ان نتخيل حجم الصراع الكبير الذي سيحدث بين القداسة التي تحضى بها نصوص مقدسة مكتوبة بلغة قديمة  مقدسة ، اي لغة توقيفية منزله من عند الالهة كما هي و يجب ان تكون كما هي و بين من يريد اعادة تحويلها الى اللغة المفهومة الحالية .

          

-----------------------
لكن ما علاقة بني اسرائيل في الموضوع القرأن ؟

عندما نطالع القران جيدا ، سنجد ان لفظة بني اسرائيل ترد كثيرا في ايات  تدور حول العلم و علاقته بالكتاب.

( أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل )

{ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب} [غافر : 53]

{قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [الأحقاف : 10]

-----------------------

هذه النتيجة التي وصلنا لها، بالاعتماد على قواعد و نظريات المناهج الغربي ، يؤكدها النص :

{إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير (40) إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (42) ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم (43) ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد (44) ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب (45)} [فصلت : 40-45

فنحن هنا امام موضوع واحد تناقشة الايات السابقة ، فالايات تتحدث بان ما يقولوه المكذبين على الرسول هو نفسه ما قد قيل على الرسل من قبله عندما جاءوا بالكتب المقدسة . و تفصل اكثر عندما تتحدث الايات بانه لو كان القران نزل باللغة القديمة التي تعتقدون انها اللغة المقدسة و التي اصبحت غير واضحة و الغير مفهومة التي يصفها القران بالاعجمية لقال المكذبين بصيغة استفهام، لولا فصلت ايات القران اي لولا كتب بلغة القديمة الاعجمية  و بجانبها باللغة العربية الحديثة للتوضيح؟! . فقل لهم ان القران هدى و شفاء ، و اما الذين لا يؤمنون به فعلى اذانهم سدادة تمنعهم من سماعه، و هو عليهم كالعمى، حال هولاء الذين يكفرون بايات الله اشبه باولئك الذين ينادون من مكان بعيد.

لاحظ الى هذا التعبير للقضية الجوهرية التي يناقشها القران، فهو يصف المكذبين بان عليهم وقر و القران عليهم كالعمى ، لكنه يلحق الوصف بجملة بدون واو العطف بجملة (اولئك ينادون من مكان بعيد) ، لانه يشبه حال المكذبين و علاقتهم بالنصوص القديمة التي يؤمنون بها كحال اناس ينادى عليهم من مكان بعيد، و من الطبيعي انهم سيجدون صعوبة في فهم النداء ، لانها بلغة قديمة جدا الى فهم الناس ، بينما القران بمثابة نداء من مكان قريب لمن يؤمن به . لانه بلغة حديثة قريبة الى فهم الناس، اي ان المؤمنين به كانهم ينادون من مكان قريب .

و يواصل الموضوع سياقه بالاية التي تتحدث بانه قد جاء من قبلك موسى بالكتاب فاختلفوا فيه و قالوا نفس ما يقولوه الان عن القران .

فنحن نتخيل النبي موسى ياتي قومة بكتاب بلسان قومه، بينما قومه يحملون كتاب اخر مقدس نزل قبل فترة زمنية طويلة فاصبحت لغتة قديمة ، سيكون وضعه مثل وضع النبي محمد .

يؤكد الاستنتاج الاية

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [ابراهيم : 4]

فالاية تتحدث على ان كل نبي جاء بكتاب بلسان قومه، ليبين لهم ايات الله بلغتهم الحديثة التي وصلوا لها حتى يستطيعوا قراءته و فهمه جيدا، بعد ان اصبحت الكتب السابقة بلغة قديمة صعبة الفهم و محرفة المعاني .

و يزيد احتمال ما وصلنا له 

{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا} [مريم : 97]
{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [الدخان : 58]

الاية واضحة، فهي تتحدث بان الكتب جاءت لتيسير ايات الله بللسان الحديثة بعد ان اصبحت لغة الكتب السابقة قديمة و صعبة الفهم و منفصلة عن لغة الناس الحديثة التي يتحدثون بها .

لكن هذا يفرض علينا سؤال هل كان هذا الامر يتم في السابق بشكل دوري، بمعنى هل كان القدماء لديهم نظام معين في اعادة كتابة نصوص الكتاب المقدس، هل نحن امام كتاب قديم يتم تداوله منذ القدم و يعاد نسخه بلغة حديثة  ؟

{و لولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب (45)}

من سياق الموضوع العام ، يجعلنا نفهم ان الجملة السابقة جاءت بعد ضرب مثال بكتاب النبي موسى عليه السلام،  فالاية بشكل واضح تحكي ان الكلمة سبقت من الله، اي اننا امام نص سابق وحيد او تقليد مقدس في كتابة النص المقدس و الا لكان الله قضى بينهم على خلافهم و شكهم المريب بالقران .

و يزيد من احتمال النتيجة التي وصلنا لها

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ۚ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ وَهَٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ (12)} [الأحقاف : 10-12]

لو كان القران من عند الله و كفرتم به ، و في نفس الوقت شهد شاهد من بني اسرائيل من الراسخين بالعلم على انه مثل اللوح المحفوظ و انه من عند الله فامن و كفرتم ( من سياق الموضوع يفهم ان هناك جملة فما موقفكم )، ان الله لا يهدي القوم الظالمين. و من سياق الموضوع نعرف انه انقسم فريقين كافر و مؤمن به، عندها سيكون تفسير الاية الاخرى  ، و قال الذين كفروا ( الفريق الاول) للذين امنوا( الفريق الثاني) لو كان الامر فيه خيرا لما سبقنا اليه هولاء المؤمنين( الفريق الثاني) ، و اذا لم يهتدي هولاء المؤمنين به( الفريق الثاني) و كانوا كلهم فريق واحد سيقول هولاء الكافرين ( الفريق الاول) بان هذا كذب قديم .

هنا ملاحظة : ورود لفظة افك قديم ، المفروض يكون افك كبير ، ما علاقة الزمن بالافك ؟!، اعتقد ان الاية تتحدث حول تقليد قديم كان متبع في كتابة الكتاب المقدس، تتم بتلك الطريقة ، فهم الان يصفون ذلك التقليد المتبع و المتعارف عليه قديما عند كتابة الكتاب المقدس  بانه افك قديم و ليس تقليد مقدس قديم، و عليه فان سياق الاية بعدها سيكون واضح ،  سيقولون هذا افك بينما هم من قبله كان كتاب موسى بالنسبة لهم اماما و رحمة و تم بنفس الطريقة  بتبديل الكتاب السابق  المقدس من منطوقه القديم الى المنطوق الحديث بلسان زمن موسى ، و هذا كتاب مصدقا لكتاب موسى و لكن بلسان عربي حديث مفهوم للناس . 

و يزيد من احتمال تفسيرنا

{وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ ۖ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)} [الجاثية : 17-18]

فتفسير الاية السابقة : جعلناك على منهج من الأمر، فاتبع المنهج و لا تتبع اهواء الذين ليس لديهم علم. 

و يزيد تاكيد هذا

{وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ ۖ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [الأعراف : 154]

فالاية هذه تتفق مع معنى الاية السابقة {  َمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ وَهَٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ } ، حتى في وصف كتاب موسى بانه (اماما و رحمة) بينما هذه الاية تصفه (بهدى و رحمة) ، لكنها توضح الحقيقة التي وصلنا لها بشكل اكبر، حيث تتحدث بان موسى اخذ الالواح ( اللوح المحفوظ) و قام بعمل نسخة من الالواح بلسان قومه الحديث و الذي فيه هدى و تيسير و رحمة للمؤمنين .

و يؤكد هذا الاية

{۞ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة : 106]

الاية  تتحدث عن عملية نسخ للايات من اللوح المحفوظ و كل اية في اللوح المحفوظ يتم القيام بعمل نسخه مثلها و لكن باللغة الجديدة .

{وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29)} [الجاثية : 28-29]

فالموضوع يتحدث بانه يوم القيامة كل امة يتم دعوتها الى كتابها، و يوم القيامة  سيتم عرض الكتاب (اللوح المحفوظ) الذي ينطق على كل امة بالحق،  و ستتاكدون بان كل قوم كان لديهم كتاب منسوخ من الكتاب ( اللوح المحفوظ)، و لكن بلسانهم المختلف. فلفظة نستنسخ تفيد عملية نسخ  متعددة .

اذا فالقران يرفض الاتهام بتبديل ايات الله، فلا مبدل لكلمات الله و اياته، و يؤكد بان الامر هو عملية نسخ (.صورة طبق الاصل) للكتاب (اللوح المحفوظ) و لكن بلسان جديد، بسبب تبدل لسان الاقوام مع الزمن .

-----------------------------------------

و يتفق هذا التصور مع اعتقادنا السابق في كون كلمة اساطير تعني كتابات ، و لان الكلمة سطر في القران الكريم لم ترد بصيغة الجمع سطور بل بصيغة جمع الجمع اساطير ، يزيد اعتقادنا هذا .

لان جمع الجمع هي صيغة المبالغة ، و صيغة مبالغة تدل قدم الكتابة و على الكثرة و القدم دليل على انه سيكون فعلا قولا ثقيلا يحتاج الى ترتيب، فكلما كان الزمن قديم كانت الصعوبة اكبر  ، تجعلنا نفهم اكثر سبب ورود كلمة اساطير الاولين دائما في ايات القران، فهي على لسان اشخاص مكذبين يصفون القران بانه كتابات الاولين التي لا يدركون تاويل له، فالقران كان لوح محفوظ يمثل عقيدة الناس، و كانت تنقل سطورة من لغة قديمة الى اللغة الحديثة التي اصبح الناس بها، بمنطوق صحيح لكن بدون فهم لها لانها تحتاج الى نظام لتفسيرها و فهمها.

  فمن يقرا القران يجد بانه يوكد على ان القران كتاب مسطور ، من كتابات الاولين و جاء لتوضيح النص الاصلي للكتابات القديمة. فالقران الكريم نفسه لا ينكر ابدا لفظة أساطير في وصف نفسه، لان القران هو كتاب مسطور اي كتابات الاولين أو زبر الاولين،  و جاء لبيان النص الاصلي لللصحف القديمة .

لكن هذه النتيجة التي قد تبدو منطقية تحتاج الى دليل مادي يؤكدها .  لكن كيف سيكون شكل الدليل ؟ ، هل نحتاج الى الواح قديمة حجرية مكتوب عليها القران الكريم؟!.

صحيح باننا لم نكتشف بعد اي لوح حجري مكتوب عليه القران، لكني اعتقد بانه  بعد اكتشافنا لقطعة اثرية سنتحدث حولها في فصل اخر و التي نجد عليها الحروف المقطعة الموجودة بالقران، فالامر يقطع الشك باليقين حول ان القران كان من بين النصوص القديمة التي كتبت  فى الاحجار، و  يقطع الشك باليقين حول ان القران هو منطوق جديد لكتابات قديمة كانت موجودة على الواح  مقدسة ( اللوح المحفوظ) .

 

الان دعونا نرسم القصة التي حدثت وفق المنهج الغربي :

كان هناك اجتماع كبير و هام في الماضي في مكة ، على من يقرا الواح مقدسة قديمة سماوية ، و الرسول محمد استطاع ان ينسخ تلك الالواح و قام بكتابتها بشكل الصحيح، و قام بقراءتها بالشكل السليم و الصحيح الذي يتوافق مع لسان قومه الحديث ، و هذا العمل بوحي من الله ، و كان في الاجتماع بني اسرائيل و شهد شاهد من بني اسرائيل على صحة عمله، بينما قوم الرسول رفضوا عمل الرسول محمد، و كذبوه ، لانهم يريدونها باللغة القديمة الاعجمية حتى لو لم تكن مفهومه ... و قالوا عنه انه جاء بافك. و حاربوا قران الرسول محمد .



هذه القصة و النتيجة التي وصلنا لها ستقودنا الى ثلاث نقاط جوهرية :

● النقطة الجوهرية الاولى حول مدى صحة رواية الاسلام التي وصلت لنا من خلال السيرة النبوية، لاننا من خلال فهمنا للقران نجد ان جذر الخلاف حول القران ليس كما صورته السيرة النبوية حول فكرة دينية جديدة جاءت فجاءة لمجتمع لا يعرفها، بل هو خلاف حول منطوق كتاب ديني فقط ، و الرواية التخيلية التي رسمناها من خلال ايات القران تدل على اننا في بيئة تملك دين حقيقي،  فقط اختلفت حول منطوق نصوص دينية .

●  النقطة  الجوهرية الثانية و هي طريقة علماء الغرب في فك نقوش الكتابات القديمة في المنطقة و في قراءتها، هل هي طريقة صحيحة و سليمة ام خاطئة او متعمد تزويرها ؟ . و سنؤجل الحديث حولها الى فصل اخر .

● اما النقطة الجوهرية الثانية فهي التي يتحدث حولها القران الكريم في خلافة مع المكذبين من اهل الكتاب، و يضعها القران كنقطة خلافية جوهرية و هي اللغة و التاويل الصحيح.  فالقران يرفض اللغة الاعجمية القديمة التي كانت لغة الكتب السابقة  التي سببت تحريف  في المعاني، و يعتمد اللغة الفصيحة و التي يقصد بها المنطوق الحديث للغة الحالية العامية التي يتكلم بها الناس في حياتهم اليومية ، و يؤكد بان القران تم نقله من الواح حجرية  مقدسة (اللوح المحفوظ) و بأن اللسان الذي تم اختياره لكتابة القران سليم كما هي العادة المتعارف عليها منذ القدم و يؤكد ايضا بان تاويله هو الصحيح الذي ليس فيه عوج او تحريف في المعنى .




-----------------------

هذه النتيجة التي وصلنا لها باعتماد قواعد و نظريات المنهج الغربي ، سيجعلنا نطرح سؤال هام :

اذا كانت هذه القصة التخيلية التي نسجناها صحيحة، او مقاربة للصحة ، و قد خرج القران من هذه القصة ، و التي رفض فيها سكان مكة ( قوم الرسول ) للقران ، و كفروا بقران النبي محمد للكتاب ، فجوهر الخلاف ليس ديني ، فهم على دين واحد ، بل جوهر الخلاف كتاب ........ عندها لابد ان يكون لهم قراءة اخرى للكتاب مختلفة و ستكون قراءة اعجمية باللغة القديمة و باقية لليوم.

فهل يوجد مسلمين حتى اليوم يملكون كتاب مقدس مختلف عن القران ؟

لو فكرنا كثيرا و تاملنا بعمق، بحثا عن جواب مقنع يؤكد منطقية هذه القصة .. فانه سيقودنا الى اكتشاف شيء هام و ملفت .... و قد يجعلنا نعيد كتابة القصة بشكل مختلف تماما .... و وفق منهج جديد مختلف .

يتبع

.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق